الأحد ، ٢٢ جمادى الأول ، ١٤٤٦ هجري | 24 نوفمبر 2024 ميلادي
إن معي ربي سيهدين
وصف الخطبة : - التذكير بأهمية التعلق بالله والثقة به والتوكل عليه واللجوء إليه، والتعريف بالمعية وأنواعها، وأهميتها، وأسباب حصولها، والحث على تحصيلها.

إن معي ربي سيهدين
الهدف من الخطبة التذكير بأهمية التعلق بالله والثقة به والتوكل عليه واللجوء إليه، والتعريف بالمعية وأنواعها، وأهميتها، وأسباب حصولها، والحث على تحصيلها.
عناصر الموضوع
1- الثقة في الله والتوكل عليه.   
2- المعية وأنواعها.     
3- من أسباب تحصيل المعية الخاصة.
إن معي ربي سيهدين 
مقدمة الموضوع: أما بعد: فما من أمة إلا وقد جاءها نذير، فأرسل الله تعالى رسله وأنزل كتبه لهداية الخلق إلى عبادة الحق سبحانه، ولإقامة الحجة عليهم، وها هو موسى وأخيه هارون عليهما السلام قد أُرسلا إلى فرعون وقومه، فكان ما كان بين موسى وهارون عليهما السلام وبين فرعون ومن معه، وانتهى الأمر إلى إحقاق الحق وإبطال الباطل، وإقامة حجة الله تعالى على خلقه، قال تعالى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ . وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}.
الثقة بالله والتوكل عليه
ظهر الحق ولم يسع أحد تركه، ولكن التكذيب والعناد سبيل الكافرين، فاستكبر فرعون وملؤه عن الإذعان والاستسلام، {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}، أوحى الله تعالى إلى موسى أن يخرج هو ومن معه من المؤمنين، {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}، وأرسل فرعون في المدائن بالتنكيل والتحذير، {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ . إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ . وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ . وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ}، فخرج موسى بالمؤمنين وبشرهم بنصر الله وفرجه، {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ . قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}، انطلق موسى نحو البحر فرارًا بدينه وبمن آمن معه، وكله يقين ورجاء وحسن ظن بالله تعالى، وانطلق خلفهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا، حتى كان البحر أمام نبي الله موسى ومن معه، وفرعون وجنوده من خلفه عليه السلام، فأين السبيل؟ وكيف النجاة؟ وما العمل في هذا الموقف العصيب؟ 
تشتت النظرات، وضاقت الاختيارات، واختلفت التوقعات، فظن الأعداء أنهم مدرِكون –بكسر الراء-، وظن قوم موسى أنهم مدرَكون –بفتح الراء-، قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}، هكذا كانت توقعاتهم بناءً على الأسباب المادية المرئية، والحسابات الدنيوية الأرضية، ولكن القلوب تختلف، والأفهام والنظرات تختلف، فهذا فهمهم وتلك نظرتهم، أمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر وأن يعبر هو ومن معه، وأمر البحر أن يطبق على فرعون ومن معه، قال تعالى: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ . فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ . فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ . وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ . وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ . وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}، وقال سبحانه: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ . وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى}، وقال عز وجل: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ . آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}.
وهذا اليوم العظيم الذي نجّى الله تعالى فيه موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقومه من فرعون وجنده هو يوم عاشوراء، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةِ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ» فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بصيامه. متفق عليه.
هكذا تعلق فرعون بقوته وعدته وجنده، فتأمل كيف كانت عاقبته، وكيف كانت عاقبة موسى عليه السلام ومن معه، قال سبحانه: {فلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ . فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ . وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ . وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ} .
فالأسباب مهما بلغت خذالة، إلا أن ترتبط بالوحي، فلا يجوز الاتكال عليها، وإسناد الأمر إليها، وفي الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِليهِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وحسنه الألباني، ومعناه: أَن مَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى وُكِلَ إِلَيْهِ وَجُعِلَ أَمْرُهُ لَدَيْهِ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ أَمْرَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَأَغْنَاهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا سِوَاهُ.
فمن تعلق بالأسباب أيًا كانت تُرك إليها فهل تغني عنه من الله شيئًا؟! كلا؛ بخلاف تعلق بالله فذاك الذي يفوز برضوان الله وفضله وإنعامه وإحسانه.
المعية وأنواعها
المعية هي أن يكون الله تعالى مع عبده، وهي نوعان: معية عامة بجميع الخلق، ومعية خاصة ببعض خلقه سبحانه.
والله تعالى في علوه مستو على عرشه، وهو مع جميع خلقه بعلمه وإحاطته، فلا تخفى عليه خافية، وهو معهم بقدرته وإرادته ومشيئته، فلا يعجزه شيء من خلقه سبحانه وتعالى، قال جل وعلا: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
فهذه هي المعية العامة، وهي صفة ذاتية من صفات ربنا سبحانه وتعالى لا تنفك عنه، مع كونه سبحانه مستو على عرشه، وليس أن الله معنا بذاته في الأرض بل هو في علوه جل وعلا، ولا فضل فيها لأحد فإن الله تعالى هو الذي أحاط بهم علمًا وقدرة. 
وأما قوله تعالى عن موسى: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، فإنها معية خاصة لا تكون إلا لبعض خلق الله تعالى، ومنها قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}، وقوله عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلمَ لصاحبه: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}؛ فهذه المعية العظيمة هي معية خاصة برسله تعالى وأوليائه، وهي صفة فعلية من صفات ربنا سبحانه متعلقة بمشيئته، وهي معية المحبة، والرضا، والكفاية، والهداية، والنصرة، والحفظ، والحماية، والإعانة، والتأييد، والتمكين، والتوفيق، والتسديد، واللطف بأوليائه، وعِصْمَتهم مِنَ أعدائه.
وتأمل في بعض ثمرات ونتائج هذه المعية في الدنيا فضلاً عما يكون لها في الآخرة؛ ففي قوله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} نصر موسى وأيده وأظهره على فرعون بالحجة الظاهرة والبراهين الباهرة.
وفي قوله تعالى عن موسى: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، فنجاه سبحانه وأغرق عدوه؛ فنصر اللهُ موسى وأيده وأظهره، وأورثه وقومه الأرض والديار. 
وكان هذا اليوم يومًا مشهودًا من أيام الله تعالى، وهو يوم عاشوراء؛ فعَنِ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةِ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ؛ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ؟» فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»؛ فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بصيامه. متفق عليه.
فهذا اليوم بقيت عظمته وفضله فينا، مع كوننا أحق وأولى بموسى عليه السلام من غيرنا، فنخالف اليهود والنصارى والروافض وأهل البدع في تعظيمه وفضله، فنستن بالسنة ولا نفعل البدع، فعَن ابْنِ عَبَّاسٍ أنه قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ يُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأصومن التَّاسِع» رَوَاهُ مُسلم.
ومن فضائله في شرعنا أن صيامه يكفر سيئات سنة: فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» رَوَاهُ مُسلم.
إنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وقومه حينما قال موسى: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} .
وفي قوله عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلمَ لصاحبه: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، عصمته تعالى نبيه صلى الله عليه وسلمَ، وصاحبه الصديق رضي الله عنه من كيد الكافرين، ثم فتح له المدينة بأهلها، فأيده بنصره وبالمؤمنين.
إنها بعض ثمرات ونتائج معية الله تعالى الخاصة بعباده المؤمنين.
فاعلم أنه متى كان الله معك فقد فزت بمعيته الخاصة فلا أحد عليك من خلقه، ولو اجتمع من بأقطارها، والعكس بالعكس، فمن لم يكن الله معه لم ينفعه أحد.
من أسباب تحصيل المعية الخاصة
1- الإيمان والعمل الصالح: فهذه المعية لا تكون للكافرين، بل حرموا منها، فهي خاصة بالمؤمنين، قال عز وجل: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
2- التقوى: قال سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}.
3- التوكل على الله: كما في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} يعني كافيه.
4- الإحسان: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}. 
5- الصبر: قال تعالى: {وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
6- الجهاد في سبيل الله تعالى: قال جل وعلا: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}.
7- ذكر الله تعالى: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خير مِنْهُم". متفق عليه.
9- القضاء بالعدل: وَعَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي مَا لَمْ يَجُرْ فَإِذَا جَارَ تَخَلَّى عَنْهُ وَلَزِمَهُ الشَّيْطَانُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي رِوَايَةٍ له: «فَإِذَا جارَ وَكله إِلَى نَفسه». وحسنه الألباني.
10- الجزاء من جنس العمل: قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: «يَا غُلَامُ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأقلام وجفَّت الصُّحُف» رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وصححه الألباني.
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر