الخطبة ((من تعلق بالله نجا ))
الهدف من الخطبة بيان أهمية التعلق بالله، وأن فيه النجاة، وأن الهلاك في التعلق بالأسباب.
عناصر الموضوع
1- التعلق بالله وحده
2- صور من التعلق بالله.
3- حكم التعلق بغير الله.
من تعلق بالله نجا
مقدمة الموضوع : أما بعد، فإن الله تعالى هو خالق كل شيء ورازقه ومدبر أموره، (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)، (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)، (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)؛ فعلى العبد أن يتأمل في أصله ومبدأه وخلقه ونشأته، وما يراد منه، وما يصير إليه.
ومن الناس المؤمن والكافر؛ ولا ريب أن الكافر ينال حظه في الدنيا فيتعلق بها وبشهواتها وأعراضها، وهذا لا يصح من المؤمن، فإن تعلق المؤمن إنما يكون بالله.
التعلق بالله وحده
إن الواجب أن تتعلق قلوب العباد بمن بيده ملكوت كل شيء، ومقاليد الأمور كلها، خيرها وشرها، (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ . يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ . يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ)، (وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ . وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
عباد الله إن التعلق لا ينبغي أن يكون إلا بالله تعالى وحده، قال تعالى: (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُون)، فالله وحده هو الذي يكشف الضر، ويجيب المضطر، يشفي الداء، ويرفع البلاء، يغيث المكروب، وينجي الملهوف، ويأمر بالعدل والإحسان والمعروف، يغني الفقير، ويهدي الضرير، يرشد السبيل، ويشفي العليل، يرحم الناس، ويرفع البأس، (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).
فعلى العبد أن يتعلق قلبه بالله عز وجل وحده دون المخلوق والأسباب. يتعلق قلبه بالله قبل أن يعرف الأسباب، وبعد أن يعرفها، دون أن تكون الأسباب أو أحدًا من المخلوقين همّه وشغله، أو يعتقد فيه نجاته ونجاح أمره، وشفاء سقمه، وقضاء حاجته.
بمن نتعلق عند المهمات والملمات والمصائب والشدائد؟ وعلى من نتوكل؟ ولمن نلجأ؟
ألا ترى أن من المسلمين من يتعلق بغير الله؟! ألا ترى أن منهم من يلجأ ويتعلق بالأموات والمقبورين؟! ألا ترى من يتعلق بالدواء والمعالجين فيعتقد أنه يذهب المرض ويشفي الداء؟! ألا ترى من يتعلق بوظيفته ومهنته وعمله في رزقه وقوته؟! ألا ترى من يتعلق بالتمائم والسحرة والكهنة والجن ومن لا خلاق لهم في جلب المنافع ودفع المضار؟!
عَنْ عِيسَى بْنِ عبد الرحمن بن أبي ليلى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عبدِ الله بن عُكيم وَبِهِ حُمْرَةٌ فَقُلْتُ: أَلَا تُعَلِّقُ تَمِيمَةً؟ فَقَالَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِليهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وحسنه الألباني، ومعناه أَيْ مَنْ تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ سِوَى اللَّهِ تَعَالَى وُكِلَ إِلَيْهِ وَجُعِلَ أَمْرُهُ لَدَيْهِ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ كَفَاهُ أَمْرَ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَأَغْنَاهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا سِوَاهُ. فمن تعلق بالأسباب أيًا كانت تُرِكَ إليها فما تغني عنه من الله شيئًا.
أما من تعلق بالله فذاك الذي يفوز برضوان الله وفضله وإنعامه وإحسانه .
وذكر ابن القيم رحمه الله خمسة مفسدات للقلب ومنها التعلق بغير الله وقال: وَهَذَا أَعْظَمُ مُفْسِدَاتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.
فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَضُرُّ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا أَقْطَعُ لَهُ عَنْ مَصَالِحِهِ وَسَعَادَتِهِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِذَا تَعَلَّقَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَخَذَلَهُ مِنْ جِهَةِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَفَاتَهُ تَحْصِيلُ مَقْصُودِهِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِتَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ وَالْتِفَاتِهِ إِلَى سِوَاهُ، فَلَا عَلَى نَصِيبِهِ مِنَ اللَّهِ حَصَلَ، وَلَا إِلَى مَا أَمَّلَهُ مِمَّنْ تَعَلَّقَ بِهِ وَصَلَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا . كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا)، وَقَالَ تَعَالَى: (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ . لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ) .
فَأَعْظَمُ النَّاسِ خذْلَانًا مَنْ تَعَلَّقَ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ مَا فَاتَهُ مِنْ مَصَالِحِهِ وَسَعَادَتِهِ وَفَلَاحِهِ أَعْظَمُ مِمَّا حَصَلَ لَهُ مِمَّنْ تَعَلَّقَ بِهِ، وَهُوَ مُعَرَّضٌ لِلزَّوَالِ وَالْفَوَاتِ. وَمَثَلُ الْمُتَعَلِّقِ بِغَيْرِ اللَّهِ كَمَثَلِ الْمُسْتَظِلِّ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ بِبَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ، وَأَوْهَنِ الْبُيُوتِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَأَسَاسُ الشِّرْكِ وَقَاعِدَتُهُ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا التَّعَلُّقُ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَلِصَاحِبِهِ الذَّمُّ وَالْخِذْلَانُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا) مَذْمُومًا لَا حَامِدَ لَكَ، مَخْذُولًا لَا نَاصِرَ لَكَ، إِذْ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ النَّاسِ مَقْهُورًا مَحْمُودًا كَالَّذِي قُهِرَ بِبَاطِلٍ، وَقَدْ يَكُونُ مَذْمُومًا مَنْصُورًا، كَالَّذِي قُهِرَ وَتُسُلِّطَ عَلَيْهِ بِبَاطِلٍ، وَقَدْ يَكُونُ مَحْمُودًا مَنْصُورًا كَالَّذِي تَمَكَّنَ وَمَلَكَ بِحَقٍّ، وَالْمُشْرِكُ الْمُتَعَلِّقِ بِغَيْرِ اللَّهِ قِسْمُهُ أَرْدَأُ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ، لَا مَحْمُودٌ وَلَا مَنْصُورٌ. اهـ
صور من التعلق بالله
أعظم الناس تعلقًا بالله وقربًا منه هم الأنبياء والرسل، وها هي صور من تعلقهم بالله تعالى:
فهذا نوح عليه السلام يشرح لابنه ويوضح له ويبين له أن النجاة والرحمة في التعلق بالله، وأن الهلاك والخسران في التعلق بالأسباب، قال تعالى: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ . قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِين).
وهذا إبراهيم عليه السلام لم يتعلق قلبه إلا بالله، فأنجاه الله من النار: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ . وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ . وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ . وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ . وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) الآيات. فتأمل!
وهذا موسى عليه السلام يتعلق بالله في كل أحواله، بخلاف فرعون وقومه، فقد تعلق فرعون بالسحرة، وتعلق السحرة بسحرهم وحبالهم وعصيهم، فتأمل، قال تعالى: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ)، وقال سبحانه: (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ)، وقال تبارك وتعالى: (فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ . فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ . وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)، وقال سبحانه: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ . فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ . وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ).
ولما انهزم فرعون وباطله انطلق خلف موسى عليه السلام وقومه، فتأمل في تعلق فرعون بجنوده، وفي ظن قوم موسى في الأسباب، وفي تعلق موسى عليه السلام بربه، قال سبحانه: (فلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ . قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ . فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ . وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ . وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ). وهكذا أيوب، وزكريا، وشعيب، وصالح عليهم السلام.
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلمَ، قال تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا)، وعن أنس أن أبا بكر حدثه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه فقال: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" رواه الترمذي وصححه الألباني.
وهذا ليس في حق الأنبياء والرسل فقط، بل في حق جميع المؤمنين:
فهذه هاجر جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسقاءً فيه ماء. ثم قَفَّى إبراهيم منطلقًا فتبعته أم إسماعيل؛ فقالت: "يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟" فقالت له ذلك مرارًا وجعل لا يلتفت إليها. فقالت له: "آلله الذي أمرك بهذا؟" قال: "نعم". قالت: "إذًا لا يضيعُنا".
حكم التعلق بغير الله
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: أقسام التعلق بغير الله: الأول: ما ينافي التوحيد من أصله، وهو أن يتعلق بشيء لا يمكن أن يكون له تأثير، ويعتمد عليه اعتمادًا معرضًا عن الله، مثل تعلق عباد القبور بمن فيها عند حلول المصائب، ولهذا إذا مستهم الشراء الشديدة يقولون: يا فلان! أنقذنا؛ فهذا لا شك أنه شرك أكبر مخرج من الملة.
الثاني: ما ينافي كمال التوحيد، وهو أن يعتمد على سبب شرعي صحيح من الغفلة عن المسبب، وهو الله عز وجل، وعدم صرف قلبه إليه؛ فهذا نوع من الشرك، ولا نقول شرك أكبر؛ لأن هذا السبب جعله الله سببًا.
الثالث: أن يتعلق بالسبب تعلقًا مجردًا لكونه سببًا فقط، مع اعتماده الأصلي على الله؛ فيعتقد أن هذا السبب من الله، وأن الله لو شاء لأبطل أثره، ولو شاء لأبقاه، وأنه لا أثر للسبب إلا بمشيئة الله عز وجل؛ فهذا لا ينافي التوحيد لا كمالًا ولا أصلًا، وعلى هذا لا إثم فيه.
ومع وجود الأسباب الشرعية الصحيحة ينبغي للإنسان أن لا يعلق نفسه بالسبب، بل يعلقها بالله.
فالموظف الذي يتعلق قلبه بمرتبه تعلقًا كاملًا، مع الغفلة عن المسبب، وهو الله، قد وقع في نوع من الشرك، أما إذا اعتقد أن المرتب سبب والمسبب هو الله سبحانه وتعالى، وجعل الاعتماد على الله، وهو يشعر أن المرتب سبب؛ فهذا لا ينافي التوكل.
وقد كان الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأخذ بالأسباب مع اعتماده على المسبب, وهو الله عز وجل. اهـ
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر