السبت ، ٢١ جمادى الأول ، ١٤٤٦ هجري | 23 نوفمبر 2024 ميلادي
يا صمد
وصف الخطبة : - يا صمد رأى أحد العُبادّ بهيمةً تعسرت ولادتها، واعترضَ جنينها في بطنها، وهي بهيمة لا تعرف أن تشتكي أو تتكلم ولكنها ماذا فعلت؟؟ رفعت عينيها إلى السماء وذرفت دموعها.. فلما رآها العابد بكى وقال: حتى البهائم صمدت لربها ونحن لم نصمد..! ■ كم وكم من لحظات كربٍ وضيقٍ وأوجاعٍ ومصائب مرت علينا ولم نحقق فيها عبودية الصمدية لله...؟!

 يا صمد 

رأى أحد العُبادّ بهيمةً تعسرت ولادتها، واعترضَ جنينها في بطنها، وهي بهيمة لا تعرف أن تشتكي أو تتكلم
ولكنها ماذا فعلت؟؟
رفعت عينيها إلى السماء
وذرفت دموعها..
فلما رآها العابد بكى وقال:
حتى البهائم صمدت لربها ونحن لم نصمد..! 
■ كم وكم من لحظات كربٍ وضيقٍ وأوجاعٍ ومصائب مرت علينا ولم نحقق فيها عبودية الصمدية لله...؟!
لجأنا للخلق، وطرقنا أبوابهم، وتذللنا لهم، وانتظرنا عطائهم، ونسينا أو تغافلنا، ولربما ثقُلَ علينا أن نصمد لربنا...
تعودت قلوبنا على الالتفات للخلق، والأسباب، والوساطات، ونسينا الصمد المقصود

كيف نربي أنفسنا على عبودية الصمدية؟

■ فرغ قلبك من الناس
ومن الأسباب،
فكل من هم حولك سيأتي وقت وتستغني عنهم، ولكن الله عزوجل لا غنى لك عنه طرفة عين، ولو وقع في قلبك الاستغناء عنه بشئ معين اُبتليتَ بما استغنيت به، فيكون هو بذاته سبب هلاكك.

■ اعلم أن كثرة طلب الله وسؤاله والإلحاح عليه يُدخلك في زمرة المحبوبين عنده فالله يحب الملحين في الدعاء.

■ تيقن أن كل أحد هو بعيدٌ عنك مهما كان قريبا إذا قارنته بقرب الله منك،
فالله أقربُ إليك من حبل الوريد..
فلماذا تصمدُ للبعيد وتترك الصمود لمن هو قريبٌ منك
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ....)

■ تأمّل من تريد أن تطلبه من الناس وتريد بره ومعروفه، تحتاج أن تشرح له وضعك وظروفك وحاجتك، ولربما طلب منك أوراقا، وحدد لك مواعيدا فتصبح معه بين ذهاب وإياب، وذلة وعناء بينما بر الله يأتيك بدون شرحٍ ولا تفاصيل وبدون أوراق وبدون تعب وعناء، يأتيك وأنت جالسٌ في مكانك لم تتحرك منه،
فقط ارفع يديك
وقل (ياصمد)،
قلها بيقين ..
فــ"الكفاية ُتأتي على قدر اليقين" ...

■ من عظُم يقينه بربه يسر له الأسباب ولم يكله إلى نفسه ولا إلى الأسباب.. تأمل في حال زكريا عليه السلام، لما قطع نظره عن كل الأسباب ولغاها، واستوهب ربه وقال: ربي هب لي من لدنك ذرية طيبة،، وضع أملهُ كله في الله وكأنه يقول يارب أعطني وإن فُقدت الأسباب واستحالت فأنت الرب الوهاب الذي تعطي بدون أسباب..هذا كان يقينه....
فجاءته الإجابة وجاءته الكفاية
(يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى....)

■ إنه اليقين الذي يجعل العبد كلما ازداد بلاؤه ازداد حسن ظنه بربه.

■ إنه اليقين الذي يجعل العبد يأتيه فرجه من داخله ومن نفسه قبل أن يأتيه من الخارج، فلو أنه كان كتلة من الألم تتحرك على الارض إلا أنه يستروح الفرج