الخميس ، ١٩ جمادى الأول ، ١٤٤٦ هجري | 21 نوفمبر 2024 ميلادي
طالوت وجالوت
وصف الخطبة : -

وقفات مع الدروس المستفادة من قصة طالوت وجالوت


سلسلة الخطب المقترحة رقم ((536))

الخطبة الرابعة من جمادى آخر لعام 1445 هـ

عنوان الخطبة ((طالوت وجالوت)

الهدف من الخطبة : وقفات مع الدروس المستفادة من قصة طالوت وجالوت

عناصر الموضوع

1- بين يدي قصة طالوت وجالوت.

2- الاصطفاء رباني.

3- تخاذل الكثرة وثبات القلة عند الابتلاء|

4- تخاذل الكثرة وثبات القلة عند الابتلاء

5- من الفوائد والدروس المستفادة

المقدمة: أما بعد، قال الله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120].

بين يدي الخطبة:

بين يدي قصة طالوت وجالوت

بعد هلاكِ فرعون وزوالِ دولته، ونجاةِ موسى عليه السلام وقومِه، وبعد دعوة موسى عليه السلام لقومه إلى دخول الأرض المقدسة ورفضهم الدخول، كتب الله عليهم التيه أربعين سنة، توفي فيها موسى وهارون عليهما السلام، واستخلف الله تعالى يوشع بن نون عليه السلام في بني إسرائيل فدعاهم إلى دخول الأرض المقدسة فأطاعوه ففتحها الله عليهم ودخلوها، وعاشوا فيها سنينًا، بدلوا فيها وغيروا وحرفوا، ووقع منهم الإفساد، قال الله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: 4]، فلما وقع منهم الإفساد سلط الله عليهم كفارًا أولي بأس شديد، فدمروا بيت المقدس وقتلوا أهله، وعاثوا في الأرض فسادًا، وعلا الذل بني إسرائيل وكسرت شوكتهم وذهبت دولتهم.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي». متفق عليه.

أرسل الله تعالى إلى بني إسرائيل نبيًا منهم يأمرهم وينهاهم ويقيم فيهم الشريعة، ولما أرهقهم الذل سألوه سبيلاً للنصر والتمكين،

فطلبوا منه أن يدعو الله تعالى أن يبعث فيهم ملكًا مأمورًا بقتال الكفار الذين دمروا بيت المقدس وساموا بني إسرائيل سوء العذاب، قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: 246].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَغَيْرُهُ: كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بَعْدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقَامَةِ مُدَّةَ الزَّمَانِ، ثُمَّ أَحْدَثُوا الْأَحْدَاثَ وَعَبَدَ بَعْضُهُمُ الْأَصْنَامَ، وَلَمْ يَزَلْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مَنْ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُهُمْ عَلَى مَنْهَجِ التَّوْرَاةِ إِلَى أَنْ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءَهُمْ فَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَأَسَرُوا خَلْقًا كَثِيرًا وَأَخَذُوا مِنْهُمْ بِلَادًا كَثِيرَةً، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُقَاتِلُهُمْ إِلَّا غَلَبُوهُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانَ عِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ وَالتَّابُوتُ الَّذِي كَانَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ وَكَانَ ذَلِكَ مَوْرُوثًا لِخَلَفِهِمْ عَنْ سَلَفِهِمْ إِلَى مُوسَى الْكَلِيمِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ تَمَادِيهِمْ عَلَى الضَّلَالِ حَتَّى اسْتَلَبَهُ مِنْهُمْ بَعْضُ الْمُلُوكِ فِي بَعْضِ الْحُرُوبِ، وَأَخَذَ التَّوْرَاةَ مِنْ أَيْدِيهِمْ، وَلَمْ يَبْقَ مَنْ يَحْفَظُهَا فِيهِمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، وَانْقَطَعَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ أَسْبَاطِهِمْ، وَلَمْ يَبْقَ مَنْ سِبْطِ لَاوِي الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْأَنْبِيَاءُ إِلَّا امْرَأَةٌ حَامِلٌ مِنْ بَعْلِهَا وَقَدْ قُتِلَ، فَأَخَذُوهَا فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ وَاحْتَفَظُوا بِهَا لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُهَا غُلَامًا يَكُونُ نَبِيًّا لَهُمْ، وَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ تَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْزُقَهَا غُلَامًا فَسَمِعَ اللَّهُ لَهَا وَوَهَبَهَا غُلَامًا، فَسَمَّتْهُ شَمْوِيلَ، أَيْ: سَمِعَ اللَّهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: شَمْعُونُ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ، فَشَبَّ ذَلِكَ الْغُلَامُ وَنَشَأَ فِيهِمْ وَأَنْبَتَهُ اللَّهُ نَبَاتًا حَسَنًا، فَلَمَّا بَلَغَ سِنَّ الْأَنْبِيَاءِ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ وَتَوْحِيدِهِ، فَدَعَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُقِيمَ لَهُمْ مَلِكًا يُقَاتِلُونَ مَعَهُ أَعْدَاءَهُمْ وَكَانَ الْمُلْكُ أَيْضًا قَدْ بَادَ فِيهِمْ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ أَقَامَ اللَّهُ لَكُمْ مَلِكًا أَلَّا تَفُوا بِمَا الْتَزَمْتُمْ مِنَ الْقِتَالِ مَعَهُ {قَالُوا وَمَا لَنَا أَلا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} أَيْ: وَقَدْ أُخِذِتْ مِنَّا الْبِلَادُ وَسُبِيَتِ الْأَوْلَادُ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} أَيْ: مَا وَفَوْا بِمَا وَعَدُوا بَلْ نَكَلَ عَنِ الْجِهَادِ أَكْثَرُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِهِمْ. انتهى من تفسيره.

وقال في قصص الأنبياء: وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ لَمَّا أَنْهَكَتْهُمُ الْحُرُوبُ وَقَهْرَهُمُ الْأَعْدَاءُ سَأَلُوا نَبِيَّ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُنَصِّبَ لَهُمْ مَلِكًا يَكُونُونَ تَحْتَ طَاعَتِهِ لِيُقَاتِلُوا مِنْ وَرَائِهِ وَمَعَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْأَعْدَاءَ.

فَقَالَ لَهُمْ: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ الله} أَي وَأي شيء يَمْنَعُنَا مِنَ الْقِتَالِ {وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وأبنائنا} يَقُولُونَ: نَحْنُ مَحْرُوبُونَ مَوْتُورُونَ، فَحَقِيقٌ لَنَا أَنْ نُقَاتِل عَن أَبْنَائِنَا المنهورين الْمُسْتَضْعَفِينَ فيهم المأسورين فِي قبضتهم.

قَالَ الله تَعَالَى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلا مِنْهُم وَالله عليم بالظالمين} كَمَا ذَكَرَ فِي آخِرِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ لَمْ يُجَاوِزِ النَّهْرَ مَعَ الْمَلِكِ إِلَّا الْقَلِيلُ وَالْبَاقُونَ رجعُوا ونكلوا عَن الْقِتَال. انتهى.

قال القرطبي رحمه الله: {تَوَلَّوْا} أَيِ اضْطَرَبَتْ نِيَّاتُهُمْ وَفَتَرَتْ عَزَائِمُهُمْ، وَهَذَا شَأْنُ الْأُمَمِ الْمُتَنَعِّمَةِ الْمَائِلَةِ إِلَى الدَّعَةِ تَتَمَنَّى الْحَرْبَ أَوْقَاتَ الْأَنَفَةِ فَإِذَا حَضَرَتِ الْحَرْبُ كَعَّتْ وَانْقَادَتْ لِطَبْعِهَا. وَعَنْ هَذَا الْمَعْنَى نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: "لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاثْبُتُوا". رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ. ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ ثَبَتُوا عَلَى النِّيَّةِ الْأُولَى وَاسْتَمَرَّتْ عَزِيمَتُهُمْ عَلَى القتال في سبيل الله تعالى. انتهى من تفسيره.

الاصطفاء رباني

قال تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أَيْ: لَمَّا طَلَبُوا مِنْ نَبِيِّهِمْ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُمْ مَلِكًا مِنْهُمْ فَعَيَّنَ لَهُمْ طَالُوتَ وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَجْنَادِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَيْتِ الْمُلْكِ فِيهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُلْكَ فِيهِمْ كَانَ فِي سِبْطِ يَهُوذَا، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ ذَلِكَ السِّبْطِ فَلِهَذَا قَالُوا: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} أَيْ: كَيْفَ يَكُونُ مَلِكًا عَلَيْنَا {وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ} أَيْ: ثُمَّ هُوَ مَعَ هَذَا فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ يَقُومُ بِالْمُلْكِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ سَقَّاءً وَقِيلَ: دَبَّاغًا. وَهَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْهُمْ عَلَى نَبِيِّهِمْ وَتَعَنُّتٌ وَكَانَ الْأَوْلَى بِهِمْ طَاعَةً وَقَوْلَ مَعْرُوفٍ ثُمَّ قَدْ أَجَابَهُمُ النَّبِيُّ قَائِلًا: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} أَيِ: اخْتَارَهُ لَكُمْ مِنْ بَيْنِكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكُمْ. يَقُولُ: لَسْتُ أَنَا الَّذِي عَيَّنْتُهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي بَلِ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِ لَمَّا طَلَبْتُمْ مِنِّي ذَلِكَ {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} أَيْ: وَهُوَ مَعَ هَذَا أَعْلَمُ مِنْكُمْ، وَأَنْبَلُ وَأَشْكَلُ مِنْكُمْ وَأَشَدُّ قُوَّةً وَصَبْرًا فِي الْحَرْبِ وَمَعْرِفَةً بِهَا أَيْ: أَتَمُّ عِلْمًا وَقَامَةً مِنْكُمْ. وَمِنْ هَاهُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَلِكُ ذَا عِلْمٍ وَشَكْلٍ حَسَنٍ وَقُوَّةٍ شَدِيدَةٍ فِي بَدَنِهِ وَنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ} أَيْ: هُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي مَا شَاءَ فَعَلَ وَلَا يُسأل عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ لِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَأْفَتِهِ بِخَلْقِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} أَيْ: هُوَ وَاسِعُ الْفَضْلِ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ عَلِيمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْمُلْكَ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ.

قال تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 248].

يَقُولُ نَبِيُّهُمْ لَهُمْ: إِنَّ عَلَّامَةَ بَرَكَةِ مُلْكِ طَالُوتَ عَلَيْكُمْ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ عَلَيْكُمُ التَّابُوتَ الَّذِي كَانَ أُخِذَ مِنْكُمْ.

{فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} قِيلَ: مَعْنَاهُ فِيهِ وَقَارٌ، وَجَلَالَةٌ. وقيل: رَحْمَةٌ. وقيل: السكينة هي مَا يَعْرِفُونَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَيَسْكُنُونَ إِلَيْهِ.

وَقِيلَ: السَّكِينَةُ طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ كَانَتْ تُغْسَلُ فِيهِ قُلُوبُ الْأَنْبِيَاءِ، أَعْطَاهَا اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَضَعَ فِيهَا الْأَلْوَاحَ.

وَقَوْلُهُ: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}، قيل: عَصَاهُ وَرُضَاضُ الْأَلْوَاحِ. وقيل: عَصَاهُ وَرُضَاضُ الْأَلْوَاحِ والتوراة. وقيل: عَصَا مُوسَى وَعَصَا هَارُونَ وَلَوْحَيْنِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْمَنِّ. وقيل: عَصَا مُوسَى وَعَصَا هَارُونَ وَثِيَابُ مُوسَى وَثِيَابُ هَارُونَ وَرُضَاضُ الْأَلْوَاحِ. وقيل: قَفِيزٌ مِنْ مَنٍّ، وَرُضَاضُ الْأَلْوَاحِ. وقيل: الْعَصَا وَالنَّعْلَانِ.

وَقَوْلُهُ: {تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ} قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَاءَتِ الْمَلَائِكَةُ تَحْمِلُ التَّابُوتَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى وَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْ طَالُوتَ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَصْبَحَ التَّابُوتُ فِي دَارِ طَالُوتَ فَآمَنُوا بِنُبُوَّةِ شَمْعُونَ وَأَطَاعُوا طَالُوتَ.

وَقَوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ}، أَيْ: عَلَى صِدْقِي فِيمَا جِئْتُكُمْ بِهِ مِنَ النبوة، وفيما أمرتكم به من طَاعَةِ طَالُوتَ: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أَيْ: بِالْلَّهِ واليوم الآخر. انتهى من تفسيره.

وقال في قصص الأنبياء: وَهَذَا أَيْضًا مِنْ بَرَكَةِ وِلَايَةِ هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ عَلَيْهِمْ وَيُمْنِهِ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمُ التَّابُوتَ الَّذِي كَانَ سُلِبَ مِنْهُمْ وَقَهْرَهُمُ الْأَعْدَاءُ عَلَيْهِ وَقَدْ كَانُوا يُنْصَرُونَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ بِسَبَبِهِ. انتهى.

تخاذل الكثرة وثبات القلة عند الابتلاء

قال تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249].

قال ابن كثير رحمه الله: يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ طَالُوتَ مَلِكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ خَرَجَ فِي جُنُودِهِ وَمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ مَلَأِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ جَيْشُهُ يَوْمَئِذٍ فِيمَا ذَكَرَهُ السُّدِّيُّ ثَمَانِينَ أَلْفًا فَاللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَر}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ نَهْرٌ بَيْنَ الْأُرْدُنِّ وَفِلَسْطِينَ يَعْنِي: نَهْرُ الشَّرِيعَةِ الْمَشْهُورُ {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي}، أَيْ: فَلَا يَصْحَبُنِي الْيَوْمَ فِي هَذَا الْوَجْهِ، {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ}، أَيْ: فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا مِنْهُمْ}. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنِ اغْتَرَفَ مِنْهُ بِيَدِهِ رَوِيَ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يُرْوَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ الْجَيْشُ ثَمَانِينَ أَلْفًا فَشَرِبَ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَتَبَقَّى مَعَهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ كَذَا قَالَ.

وقال في قصص الأنبياء: وَقَوْلُ السُّدِّيِّ أَنَّ عِدَّةَ الْجَيْشِ كَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ أَرْضَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا تَحْتَمِلُ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا جَيْشُ مُقَاتِلَةٍ يَبْلُغُونَ ثَمَانِينَ أَلْفًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى.

وقال في التفسير: وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ بسنده عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أنه قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهْرَ، وَمَا جَازَهُ مَعَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: "كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَتَحَدَّثُ أَنَّ عِدَّةَ أَصْحَابِ بَدْرٍ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ، الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهْرَ، وَلَمْ يُجَاوِزْ مَعَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثُمِائَةٍ".

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ}، أَيِ: اسْتَقَلُّوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ لِقَاءِ عَدُوِّهِمْ لِكَثْرَتِهِمْ فَشَجَّعَهُمْ عُلَمَاؤُهُمْ وَهُمُ الْعَالِمُونَ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، فَإِنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَيْسَ عَنْ كَثْرَةِ عَدَدٍ وَلَا عِدَدٍ. وَلِهَذَا قَالُوا: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. انتهى من تفسيره مختصرًا.

وقال في قصص الأنبياء: طَلَبُوا مِنَ اللَّهِ أَنْ يُفْرِغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ، أَيْ يَغْمُرَهُمْ بِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ فَتَسْتَقِرَّ قُلُوبُهُمْ وَلَا تَقْلَقَ، وَأَنْ يُثَبِّتَ أَقْدَامَهُمْ فِي مَجَالِ الْحَرْبِ وَمُعْتَرَكِ الْأَبْطَالِ وَحَوْمَةِ الْوَغَى وَالدُّعَاءِ إِلَى النزال، فسألوا التثبيت الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ، وَأَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِمُ النَّصْرَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَأَعْدَائِهِ مِنَ الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ بِآيَاتِهِ وَآلَائِهِ، فَأَجَابَهُمُ الْعَظِيمُ الْقَدِيرُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ إِلَى مَا سَأَلُوا وَأَنَالَهُمْ مَا إِلَيْهِ فِيهِ رَغِبُوا. وَلِهَذَا قَالَ {فهزموهم بِإِذن الله} أَي بحول الله لابحولهم، وَبِقُوَّةِ اللَّهِ وَنَصْرِهِ لَا بِقُوَّتِهِمْ وَعَدَدِهِمْ، مَعَ كَثْرَةِ أَعْدَائِهِمْ وَكَمَالِ عَدَدِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تشكرون}. انتهى.

قال القرطبي رحمه الله: قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً}، الْفِئَةُ: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ وَالْقِطْعَةُ مِنْهُمْ.. وَفِي قَوْلِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: "كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ" الْآيَةَ، تَحْرِيضٌ عَلَى الْقِتَالِ وَاسْتِشْعَارٌ لِلصَّبْرِ وَاقْتِدَاءٌ بِمَنْ صَدَّقَ رَبَّهُ. قُلْتُ: هَكَذَا يَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ أَنْ نَفْعَلَ؟ لَكِنِ الْأَعْمَالُ الْقَبِيحَةُ وَالنِّيَّاتُ الْفَاسِدَةُ مَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَنْكَسِرَ الْعَدَدُ الْكَبِيرُ مِنَّا قُدَّامَ الْيَسِيرِ مِنَ الْعَدُوِّ كَمَا شَاهَدْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَذَلِكَ بما كسبت أيدينا! وفى البخاري: وقال أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنَّمَا تُقَاتِلُونَ بِأَعْمَالِكُمْ. وَفِيهِ مُسْنَدٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "هَلْ تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ". فَالْأَعْمَالُ فَاسِدَةٌ، وَالضُّعَفَاءُ مُهْمَلُونَ، وَالصَّبْرُ قَلِيلٌ، وَالِاعْتِمَادُ ضَعِيفٌ، وَالتَّقْوَى زَائِلَةٌ! قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ}، وَقَالَ: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا}، وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}، وَقَالَ: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}، وَقَالَ: {إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. فَهَذِهِ أَسْبَابُ النَّصْرِ وَشُرُوطُهُ، وَهِيَ مَعْدُومَةٌ عِنْدَنَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِينَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى مَا أَصَابَنَا وَحَلَّ بِنَا! بَلْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَّا ذِكْرُهُ، وَلَا مِنَ الدِّينِ إِلَّا رَسْمُهُ، لِظُهُورِ الْفَسَادِ وَلِكَثْرَةِ الطُّغْيَانِ وَقِلَّةِ الرَّشَادِ حَتَّى اسْتَوْلَى الْعَدُوُّ شَرْقًا وَغَرْبًا بَرًّا وَبَحْرًا، وَعَمَّتِ الْفِتَنُ وَعَظُمَتِ الْمِحَنُ وَلَا عَاصِمَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ! انتهى مختصرًا. إلا أننا نقول: إن نصر الله آت، ألا إن نصر الله قريب، فاستبشروا خيرًا.

تخاذل الكثرة وثبات القلة عند الابتلاء

قال تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ . تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة: 250 - 252].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أَيْ: لَمَّا وَاجَهَ حِزْبُ الْإِيمَانِ -وَهُمْ قَلِيلٌ-مِنْ أَصْحَابِ طَالُوتَ لِعَدُوِّهِمْ أَصْحَابِ جَالُوتَ -وَهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ- {قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} أَيْ: أَنْزِلْ عَلَيْنَا صَبْرًا مِنْ عِنْدِكَ {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} أَيْ: فِي لِقَاءِ الْأَعْدَاءِ وَجَنَّبْنَا الْفِرَارَ وَالْعَجْزَ {وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ}، أَيْ: غَلَبُوهُمْ وَقَهَرُوهُمْ بِنَصْرِ اللَّهِ لَهُمْ {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ}. انتهى من تفسيره.

وقال في قصص الأنبياء: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْملك وَالْحكمَة وَعلمه مِمَّا يَشَاء} فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى شَجَاعَةِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّهُ قَتَلَهُ قَتْلًا أَذَلَّ بِهِ جُنْدَهُ وَكَسَّرَ جَيْشَهُ، وَلَا أَعْظَمَ مِنْ غَزْوَةٍ يَقْتُلُ فِيهَا مَلِكٌ عَدُوَّهُ فَيَغْنَمُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَمْوَالَ الْجَزِيلَةَ وَيَأْسِرُ الْأَبْطَالَ وَالشُّجْعَانَ وَالْأَقْرَانَ، وَتَعْلُو كَلِمَةُ الْإِيمَانِ عَلَى الْأَوْثَانِ، وَيُدَالُ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ عَلَى أَعْدَائِهِ، وَيَظْهَرُ الدِّينُ الْحَقُّ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَوْلِيَائِهِ. انتهى.

قال القاسمي رحمه الله: {فَهَزَمُوهُمْ} أي هؤلاء القليلون أولئك الكثيرين {بِإِذْنِ اللَّهِ} بنصره إذ شجع القليلين وجبّن الكثيرين {وَقَتَلَ داوُدُ} وكان في جيش طالوت {جالُوتَ} الذي هو رأس الأقوياء {وَآتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ} أي أعطى الله داود ملك بني إسرائيل {وَالْحِكْمَةَ} أي الفهم والنبوة {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ} من صنعة الدروع وغيرها {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ} من أهل الشر {بِبَعْضٍ} من أهل الخير {لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} أي بغلبة الكفار وظهور الشرك والمعاصي، كما قال تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً} [الحج: 40] الآية.

{وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ} أي منّ عليهم بالدفع، ولذلك قوّى سبحانه هؤلاء الضعفاء، وأعطى بعضهم الملك والحكمة ومن سائر العلوم، ليدفع فساد الأقوياء بالسيف. انتهى من تفسيره.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}، أَيْ: مَنٌّ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةٌ بِهِمْ، يَدْفَعُ عَنْهُمْ بِبَعْضِهِمْ بَعْضًا وَلَهُ الْحُكْمُ وَالْحِكْمَةُ وَالْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِهِ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ. انتهى من تفسيره.

وقال في قصص الأنبياء: ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}، أَيْ: هَذِهِ آيَاتُ اللَّهِ الَّتِي قَصَصْنَاهَا عَلَيْكَ مِنْ أَمْرِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ بِالْحَقِّ أَيْ: بِالْوَاقِعِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، الْمُطَابِقُ لِمَا بِأَيْدِي أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي يَعْلَمُهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، {وَإِنَّكَ} يَا مُحَمَّدُ {لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} وَهَذَا توكيد وتوطئة للقسم. انتهى من تفسيره.

وبهذا منَّ الله تعالى على هذا جيش طالوت بفتح بيت المقدس، وعودته إلى المسلمين، فهو ميراث الموحدين، فمن غير وبدل لا حق له فيه، فهو ميراث إيمان وتوحيد وإقامة شريعة الحق، لا ميراث جنس أو نوع من البشر.

من الفوائد والدروس المستفادة

إن قصص الوحي لها غايات نبيلة وأهداف سامية وليست لمجرد تسلية النفوس، ففيها تثبيت الفؤاد، وطمأنينة القلب، قال تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [هود: 120].

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: يَقُولُ تَعَالَى: وَكُلُّ أَخْبَارٍ نَقُصُّهَا عَلَيْكَ، مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَكَ مَعَ أُمَمِهِمْ، وَكَيْفَ جَرَى لَهُمْ مِنَ الْمَحَاجَّاتِ وَالْخُصُومَاتِ، وَمَا احْتَمَلَهُ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالْأَذَى، وَكَيْفَ نَصَرَ اللَّهُ حِزْبَهُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَذَلَ أَعْدَاءَهُ الْكَافِرِينَ، كُلُّ هَذَا مِمَّا نُثْبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ يَا مُحَمَّدُ أَيْ: قَلْبَكَ، لِيَكُونَ لَكَ بِمَنْ مَضَى مِنْ إِخْوَانِكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ أسْوةً. انتهى.

وفيها العبر والعظات، وفيها البيان الشافي للأمور، وفيها الهدى والرحمة لأولي الألباب المؤمنين، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111]، وقال تعالى: {فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف: 176]، وقد اشتملت قصة طالوت على كثير من الفوائد ومنها:

1-مرحلة الاستضعاف والشعور بالذل مما يولد التحدي وقوة الإيمان، والحاجة الماسة إلى دفع الظلم والبحث عن سبل النصر والتمكين.

2-أهمية العلماء ودورهم في عزة الأمم، وأهمية الرجوع إليهم وسؤالهم، لأنهم بصائر في الفتن وأزمنة الاستضعاف، فهم أول من يتنبه للخطر والضرر اللاحق بالأمة، وهم خواصها وأشرافها وأهل الفضل فيها.

3-أهمية الجهاد الشرعي المنضبط في حياة الأمة وقيام الشريعة وكسر الأعداء.

4-الجهاد في سبيل الله يتطلب إعدادًا نفسيًا وتربويًا وعلميًا وفكريًا، وخبرة وكفاءة ومهارة، وجرأة وشجاعة، وعزيمة صادقة وإخلاصًا وتضحية، ولا يكون بمجرد الأماني والأحلام.

5-بعض الناس تغلب عاطفتهم عزيمتهم، ويفور حماسهم في الرخاء ويفتر عند الجد، فهؤلاء اجتمعوا عند الطلب، وتفرقوا عند التشريع والفرض، {تولوا إلا قليلاً منهم}.

6-تتجلى شروط الإمامة في اختيار الأكفاء، لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}، ويدل قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ} على أن الله مالك جميع ما في الكون من إنسان وحيوان وجماد وغيره، ويدل على أن التوفيق الإلهي في اختيار القائد قائم على العدل التام والسنة الحكيمة ورعاية المصلحة العامة، كما تدل الآية أيضًا على أن منح الملك أو السلطة لإنسان إنما هو بمشيئة الله الذي لا يصدر عنه إلا الخير للناس، فهو يصطفي لهم من يحقق المصلحة وتتوافر فيه الكفاءة المطلوبة.

7-إن الملك أو الحكم ليس بالوراثة أو بالغنى، وإنما بالكفاءة والعلم والمهارة، وقوة الشخصية، وصلابة الإرادة، وقد بين الله تعالى أنه اصطفى طالوت، وآتاه بسطة في العلم والجسم وهما من كمالات الإنسان، اللذان يحتاج إليهما في دينه وجهاده، وقد تضمنت الآيات بيان صفة الإمام وأحوال الإمامة، وأنها مستحقة بالعلم والدين والقوة، لا بالنسب، فلا حظّ للنسب فيها، مع العلم وفضائل النفس، وأنها متقدمة عليه، لأن الله تعالى أخبر أنه اختاره عليهم لعلمه وقوّته، وإن كانوا أشرف نسبًا.

8-تدل هذه الآيات على أنه يشترط في الأمير ونحوه القوة على ما تولى، فيكون سليماً من الآفات، عالماً بما يحتاج إليه؛ لأن الله تعالى ذكر البسطة في العلم والجسم؛ رداً على ما اعتبروه، فدائماً يشير القرآن إلى مؤهلات الإمامة، وهي: القوة العلمية والعملية كما في قوله تبارك وتعالى حاكياً عن يوسف على السلام: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:55]، وكذلك في قوله تبارك وتعالى: {أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ} [ص:45]، وكذلك في قول بنت الرجل الصالح: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} [القصص:26].

9-وضوح طبيعة بني إسرائيل، وهي مجادلتهم للحق بالباطل، حيث اعترضوا على أن يكون طالوت ملكاً عليهم، فأخذوا يجادلون في اختيار الله، ويستنكرون هذا الاختيار، وأنهم أحق بالملك منه فهو لم يكن من نسل الملوك ولا صاحب مال وغنى فيهم، فكل هذا مقدم عندهم على اصطفاء الله لهذا الرجل عليهم، ولذا أخبرهم نبيهم بأنه مؤيد بآية تظهر حقه بالملك، وهي أن يأتيهم بالتابوت الذي فيه بقية مما ترك أنبيائهم، والذي سلبه منهم أعداؤهم، يأتيهم بالتابوت بما فيه تحمله الملائكة، وهذه الآية دلالة على صدق اختيار الله طالوت، لأن نبيهم يعلم أن طبيعة بني إسرائيل لا ينفع معها إلا الخوارق الظاهرة، ولا يردهم إلى الثقة بنبيهم إلا المعجزات البينة.لا ينضب الخير في الأمة، فإن تولى الأكثرون عن واجب الجهاد، فإن الخير في القليل، والخيار هم الأقلون، وهم يعملون ما لا يعمله الأكثرون، والله عليم بأعمال هؤلاء فيجازيهم خيرا، وعليم بأفعال الظالمين، فيعذبهم بما يستحقون.

10-المؤمنون هم الذين ينتفعون بالآيات وتنفعهم الذكرى، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

11-من شروط النصر والغلبة توافر القيادة الحكيمة والجندية المنضبطة.

12-القائد المحنك لا يهزه تخلف الأكثرية من جنده عند التجربة الأولى، بل عليه أن يمضي في طريقه، وإعداد جيشه مهما قل عدد جيشه، وكثر عدد جيش عدوه.

13-من أسباب النصر: بذل الأسباب الشرعية، مع الصبر، فمن لم يصبر على العطش عند النهر، سيفر أمام العدو.

14-هذه القلة المؤمنة التي جاوزت معه النهر كانوا يعلمون كثرة العدو وقوته، لكنهم عندما رأوه رأي العين أحس بعضهم بالضعف، وفي مثل هذه الحالة لا يصمد إلا من اكتمل إيمانه واتصل قلبه بربه، وهنا برزت الفئة القليلة المتصلة بربها ذات الموازين الربانية قائلين: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:249].

15-إن النصر من عند الله تعالى، فليس الأمر بكثرة عدد ولا بقوة عدة، وإنما هو تأييد وفتح من الله تعالى، وإن الفئة القليلة قد تغلب الفئة الكثيرة بصحة عقيدتهم وطاعتهم لله تعالى.

16-أهمية الدعاء واللجوء إلى الله تعالى أوقات الشدائد والمعارك، كما قال الله تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، قال الله: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ}.

17-الفئة القليلة المؤمنة الصابرة تستمد قوتها من ربها، ولذلك لما برزوا لجالوت وجنوده: {قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:250] .

18-الثقة بالله عز وجل من أعظم أسباب النصر والتمكين، ولذلك: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ} [البقرة:249]، ولما التقوا بجيش جالوت: {قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:250].

19-الإيمان الصادق إذا التقى بالكفر الماحق كان الغلبة للمؤمنين، ولو بعد حين.

20-فضل داود عليه السلام، وقد آتاه الله تعالى الملك والنبوة وعلمه مما يشاء.

21-إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، وإن كانوا قلة، لكن الفيصل هو الإيمان بالله عز وجل، والانقياد لأمره.

22-لابد أن نعلم أن العبرة بالتأييد الإلهي لا بالعدد والعدة، وإن كان ذلك مطلوباً، لكنه ليس بيت القصيد، أما بيت القصيد فهو التوجه إلى الله عز وجل بإنزال النصر من السماء: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:249]، وقال الله تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ} [الحج:40]، ونصر الله عز وجل باتباع أوامره، واجتناب نواهيه، ومحبة أنبيائه، والعمل بتعاليم النبي عليه الصلاة والسلام، وإلا فالعصيان سبب الخذلان، قال أبو الدرداء: إنما تقاتلون بأعمالكم. أي: أعمالكم هي سبب نصركم أو سبب هزيمتكم. وقال الحسن البصري: عمالكم أعمالكم. أي: ولاتكم ورؤساؤكم وحكامكم على قدر أعمالكم، فلستم أنتم بأخير منهم، ولا هم بأفسد منكم، أنتم منهم وهم منكم، وهم جزء من مجتمعكم، وأنتم جزء من مجتمعهم، فحسنوا العمل مع الله عز وجل، وصلوا ما بينكم وبين الله يولي الله تبارك وتعالى عليكم خيار عباده، وإلا فلا، وهذه سنن كونية، فلا نصر إلا من عند الله عز وجل، أما الاغترار بالكثرة فليس ينفع عند اللقاء.

23-سنة التدافع بين الناس..

مع تحيات

اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر