الأربعاء ، ٢ جمادى الآخر ، ١٤٤٦ هجري | 04 ديسمبر 2024 ميلادي
أفضل أيام الدنيا
وصف الخطبة : -

الهدف من الخطبة بيان فضل يوم عرفة، وأحكام الأضحية، وآداب العيد


سلسلة الخطب المقترحة رقم ((508))

الخطبة الأولى من ذو الحجة لعام 1444 هـ

عنوان الخطبة ((أفضل أيام الدنيا))

الهدف من الخطبة بيان فضل يوم عرفة، وأحكام الأضحية، وآداب العيد

عناصر الموضوع

1) فضل يوم عرفة.

2) الأضحية شروط وآداب.

3) أحكام العيد وآدابه

أفضل أيام الدنيا

المقدمة: أما بعد، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال سبحانه: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28].

بين يدي الخطبة:

فضل يوم عرفة

1- أقسم الله عز وجل به: فقال تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ . وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ . وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ} [البروج: 1 - 3]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وحسنه الألباني.

2- أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على هذه الأمة: قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. رواه البخاري ومسلم.

3- أنه أكثر يوم يعتق الله تعالى فيه أناسًا من النار: فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ". رَوَاهُ مُسلم.

4- أنه يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النيران، ولو لم يكن في العشر إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». رواه مسلم؛ فيستحب صيام يوم عرفة لنيل هذا الفضل.

5- فيه يقرب الرب سبحانه من عباده قربًا يليق بعظمته: كما في الحديث: "وَإِنَّهُ لَيَدْنُو"، والقول في دنوه تعالى كالقول في نزوله وسائر صفاته، يجب الإيمان بها وتصديقها بدون تشبيه ولا تمثيل، وبدون تكييف ولا تعطيل، وبدون تحريف ولا تأويل، كما جرى عليه السلف رضي الله عنهم.

6- يباهي الرب سبحانه ملائكته بأهل الموقف: كما في الحديث: "وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّ الله يباهي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السماءِ، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاؤني شُعثاً غبراً". رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: "إن الله عز وجل يباهي ملائكتَه عَشِيَّة عرفةَ بأَهلِ عرفةَ، فيقول: انظُروا إلى عبادي شُعثاً غُبراً". رواه أحمد والطبراني، وقال الألباني: حسن صحيح، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "..فإذا وقفَ بعرفةَ فإنّ الله عز وجل يَنزلُ إلى سماءِ الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شُعثاً غُبراً، اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم، وإن كانت عدد قَطرِ السماء ورملِ عالج". رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني. قوله: [رمل عالج] هو ما تكاثر ودخل بعضه في بعض.

7- فيه خير الدعاء: فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قدير". رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وصححه الألباني؛ فيستحب الإكثار من ذكر الله تعالى في هذا اليوم، وكذلك يستحب الإكثار من الدعاء فيه، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.

8- يوم عيد للمسلمين: فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ هُنَّ عِيدُنا أَهْلَ الْإِسْلَامِ هُنَّ أَيَّامُ أكل وشرب». أخرجه أحمد وأبو داود والترمذى وصححه الألباني.

9- لا يصح حج أحد إلا بالوقوف بعرفة: فَعَن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعمُرَ الدَّيْلي أنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وصححه الألباني.

الأضحية شروط وآداب

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». رَوَاهُ البُخَارِيّ.

ومن جملة العمل الصالح في هذه الأيام، نحر النسك من الأضاحي والهدي تقربًا إلى الله تعالى.

والأضحية: هي ما يذبحه غير الحاج من بهيمة الأنعام تقربًا إلى الله تعالى أيام عيد الأضحى، وهي سنة مؤكدة، لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]، وقال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]، وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلمَ في المدينة عشر سنين يضحي فيها؛ فَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنه قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضحي. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وحسنه الألباني.

وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحي بالأحسن والأفضل والأكمل؛ فعَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ»، قَالَ: «وَرَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ، وَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»، قَالَ: «وَسَمَّى وَكَبَّرَ». رواه البخاري ومسلم واللفظ له.

وزجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من استطاع أن يضحي فلم يضحِّ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

وقد ضحى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نفسه، وعن مَنْ لم يُضَحِ مِنْ أمته، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرَكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»، ثُمَّ ضحى بِهِ. رَوَاهُ مُسلم.

والأضحية والهدي والذبح والنحر تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى أحب الأعمال إلى الله تعالى يوم النحر: قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج: 37].

فينبغي على المسلم أن يحرص على أن يضحي متى استطاع إلى ذلك سبيلاً.

هذا وللأضحية المشروعة شروطًا لابد من التقيد بها، كما يلي:

الشرط الأول: أن تكون الأضحية من جنس بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم والماعز، ذكورها أو إناثها، بمختلف أنواعها، فيدخل الجاموس مع البقر وهكذا، ولا تصح الأضحية من غير بهيمة الأنعام، لقوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} [الحج: 34]، ولم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عن أحد من الصحابة التضحية بغيرها.

الشرط الثاني: بلوغ السن المعتبر شرعًا في الأضاحي: وهذا الشرط محل إجماع بين أهل العلم؛ فلم يختلفوا في أن ما دون السن المعتبر لا يجزئ ولو كانت سمينة أو ذات لحم؛ فعدم اعتبار هذا الشرط أو إلغاؤه لا يسوغ الاختلاف فيه، بل يعد خروجًا عن نصوص السنة، وشذوذًا عما اتفق عليه العلماء؛ فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْن». رَوَاهُ مُسلم، وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَلاَ نُسُكَ لَهُ»، فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ -خَالُ البَرَاءِ-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اليَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي، فَذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاَةَ، قَالَ: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ، [وفي رواية: خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ]، أَفَتَجْزِي عَنِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». رواه البخاري ومسلم.

والمسنة هي الثنية، وهي التي ألقت ثناياها –الأسنان التي في مقدمة الفم–، والتي يقال عنها في أعرافنا: كسرت أسنانها، فيشترط في الأضحية أن تكون ثنية إلا في الضأن فيجزئ فيه الجذع، ففي الحديث: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْن». رَوَاهُ مُسلم.

وعند جماهير الفقهاء يجزئ في الأضاحي ما بلغ سن المسنة: فيشترط في الإبل بلوغ خمس سنين فما زاد، وفي البقر: سنتين فما زاد، وفي الماعز: سنة فما زاد. وأما الضأن فيصح فيه الجذع، وهو ما أكمل سنة، وقيل: ستة أشهر؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله: أصابني جذع. قال: "ضحِّ به". رواه البخاري ومسلم.

الشرط الثالث: السلامة من العيوب: يشترط في الإبل والبقر والماعز والغنم أن تكون سالمة من العيوب التي من شأنها أن تسبب نقصانًا في اللحم، أو كمالاً في الخلقة عن مثلها، فلا تجزئ العرجاء الظاهر عرجها، ولا العوراء الظاهر عورها، ولا المريضة الظاهر مرضها، ولا العجفاء الظاهر ضعفها؛ فعَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ أنه قَالَ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ؟ فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ فَقَالَ: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ"، فَقَالَ: "الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ [العجفاء] الَّتِي لَا تَنْقَى". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقَرْنِ [والأذن] نَقْصٌ، وَأَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ. قَالَ: «مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ». رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه الألباني.

الشرط الرابع: التذكية في الوقت المعتبر شرعًا للأضحية: فيبدأ وقت ذبح الأضاحي من بعد الفراغ من صلاة عيد الأضحى؛ فإن ذبح قبل ذلك فهو لحم قدمه لأهله؛ والأفضل ذبحها بعد الفراغ من صلاة العيد؛ فعن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ». رواه البخاري ومسلم، ويستمر وقتها إلى آخر أيام التشريق مع غروب شمسه؛ فعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ». رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني.

وتجزئ الشاة في الأضحية عن الواحد وأهل بيته؛ ففي حديث أبي أيوب رضي الله عنه: كان الرجل في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.

ويجوز الاشتراك في الأضحية إن كانت من الإبل أو البقر؛ فتجزئ الواحدة عن سبعة من المضحين وأهلهم؛ لحديث جابر رضي الله عنه أنه قال: نحرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة. رواه مسلم.

وعلى من يذبح أن يذكر اسم الله تعالى عند الذبح، فيجب أن يقول: بسم الله، ويستحب أن يقول: بسم الله والله أكبر.

ويسن للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي للأقارب والجيران والأصدقاء، ويتصدق على الفقراء، لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28]، وقال سبحانه: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]؛ فيأكل المسلم من أضحيته، ويهدي منها لأقاربه وجيرانه، ويتصدق منها على الفقراء.

وإذا قام الجزار بذبح الأضحية فليس له أن يأخذ منها شيئًا، ولا أن يعطيه صاحب الأضحية منها شيئًا، لا من جلدها ولا من غيره، ولكن يعطيه أجرته من غير الأضحية؛ فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا». متفق عليه, وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّةٍ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ». أخرجه البيهقي في سننه وحسنه الألباني.

وإذا دخلت العشر من ذي الحجة وأراد المسلم أن يضحي فلا يأخذ شيئًا من شعره أو أظفاره أو بشرته، حتى يضحِّي، فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ بَعْضُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا وَلَا يَقْلِمَنَّ ظُفْرًا»، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ». رَوَاهُ مُسلم، وهذا في حق صاحب الأضحية، وإن لم يذبح بنفسه.

وهناك آداب للذبح ينبغي للذابح التقيد بها، ومنها:

أن يحسن الذابح إلى الأضحية، فيحد شفرته ولا يذبح بآلة كالّة، وأن يواريها عن الأضحية، وأن يُضجع الأضحية -إلا الإبل- على جنبها الأيسر، ويترك رجلها اليمنى تتحرك بعد الذبح؛ لتستريح بتحريكها؛ لحديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». رَوَاهُ مُسلم، ولحديث أَبِي الْخَيْرِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَضْجَعَ أُضْحِيَّتَهُ لِيَذْبَحَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِرَّجُلِ: «أَعِنِّي عَلَى ضَحِيَّتِي»، فَأَعَانَهُ. أخرجه أحمد.

أما الإبل فالسنة فيها النحر لا الذبح، فتنحر قائمة معقولة ركبتها اليسرى. والنحر: الطعن بمحدد في اللَّبة، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر؛ لقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36]، أي: قياماً من ثلاث، ومر ابن عمر رضي الله عنهما على رجل قد أناخ بدنته؛ لينحرها، فقال: ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه البخاري ومسلم.

أحكام العيد وآدابه

بعد يوم عرفة وفضائله يأتي يوم النحر والأضحى بفضائله؛ إذ هو أعظم الأيام عند الله تعالى؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ». رواه أبو داود وصححه الألباني.

ويوم النحر هو يوم الأضحى، ويوم القر هو التالي له، وهو يوم الحادي عشر من ذي الحجة؛ حيث إن الحجيج يقرون فيه بمنى.

ثم تأتي ثلاثة أيام التشريق، وهي الأيام المعدودات التي أمرنا الله تعالى بذكره فيها فقال سبحانه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. رواه البخاري معلقًا، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، فعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أكل وَشرب وَذكر الله». رَوَاهُ مُسلم.

ولا يحل صيام أيام التشريق إلا للحاج الذي لم يجد الهدي حيث رُخِّصَ له في صومها؛ وقد بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ينادي في الناس: «لا تصوموا هذه الأيام أيام التشريق فإنها أيام أكل وشرب». رواه أحمد والنسائي في الكبرى وصححه الألباني، وعَنْ عَائِشَةَ وابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أنهما قَالاَ: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ. رواه البخاري.

والعيد شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة الظاهرة, والمسلمون ليس عندهم إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، ولا يحل لنا الاحتفال بغيرهما من الأعياد، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد صححه الألباني.

هذا ومن تأمل في هذا التشريع الحكيم علم لماذا العيد؟ ولماذا نفرح؟ فإن الأعياد شرعت للفرح بالتوبة والطاعة والمغفرة والفوز بالجنة والنجاة من النار، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]، فليفرحوا بالطاعات، فليفرحوا بالرحمات، فليفرحوا بالبركات، فليفرحوا بإقامة الصلوات، فليفرحوا بالإحسان والصدقات، فليفرحوا بالصيام، فليفرحوا بالحج، وغير ذلك من الطاعات؛ فلا يجوز للعبد إذن أن يفرح بمعصية الله تعالى ونحوها ونحن في هذه المواسم العظيمة، وأفضل أيام الدنيا، ونستقبل أعظم أيامها، فاحذروا عباد الله من احتراق الحسنات، ولنحرص على طاعة الله تعالى في جميع الأوقات، ولنحرص على صلة الأرحام والتوسعة على الأهل والأولاد وإدخال السرور عليهم في غير إسراف أو محرم.

وللعيد سنن وآداب منها:

1- التكبير المقيد: ويبدأ التكبير المقيد من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق؛ فعَنْ عَلِيٍّ رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ. رواه ابن أبى شيبة وصححه الألباني.

وكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنَ النَّحْرِ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. رواه ابن أبى شيبة وصححه الألباني.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لَا يُكَبِّرُ فِي الْمَغْرِبِ، يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وصححه الألباني.

ويرفع المسلم صوته بالتكبير، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْعِيدَيْنِ رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وحسنه الألباني.

2- ومن آدابه الاغتسال، والتجمل، بالتنظف، والتطيب، والتسوك، ولبس أجمل الثياب، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ. أخرجه الطبراني وقال الألباني: هذا إسناد جيد، وعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَاللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ، قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى. أخرجه مالك وصححه الألباني، وعَنْ زَاذَانَ أنه قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الْغُسْلِ فَقَالَ: «اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ»، فَقَالَ: الْغُسْلُ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ؟ قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمُ الْفِطْرِ». أخرجه الشافعي في المسند وقال الألباني: سنده صحيح.

3- الفطر من أضحيته بعد الرجوع من المصلى، فعَنْ بُرَيْدَةَ بن الحصيب رضي الله عنه أنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ». أخرجه الترمذي وصححه الألباني، في رواية: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ». أخرجه أحمد وحسنه الأرناؤوط.

4- وأن يخرج إلى المصلى ماشيًا ويرجع ماشيًا: فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا، وَيَرْجِعُ مَاشِيًا». رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أنه قَالَ: إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْعِيدِ. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

5- مخالفة الطريق، فيذهب من طريق ويرجع من طريق آخر: فَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيق. رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصححه الألباني.

6- صلاة العيد في المصلى، وسماع خطبته، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ، وَيُوصِيهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ». متفق عليه.

7- خروج جميع المسلمين لشهود الصلاة رجالاً ونساءً صغارًا وكبارًا: فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتَ الْخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَتَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». متفق عليه.

8- صلاة ركعتين في البيت بعد الرجوع من صلاة العيد: فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. أخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني.

9- لا حرج في التهنئة بالعيد: فعن محمد بن زياد أنه قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال الإمام أحمد بن حنبل: إسناده اسناد جيد، وعن جُبَير بن نفير أنه قال: كان أصحاب النبي صلى اللهُ عليه وسلَّم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبَّل الله منا ومنك. رواه المحاملي في كتاب صلاة العيدين وصححه الألباني.

10- التوسعة على الأهل والعيال في المباح مع اجتناب الحرام؛ فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ». رَوَاهُ أحمد وأَبُو دَاوُد والنسائي وصححه الألباني، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَفِي رِوَايَةٍ: تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَفِي رِوَايَةٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِن لكل قوم عيدا وَهَذَا عيدنا". متفق عليه، ولا يجوز استباحة العيد بفعل المحرمات وارتكاب المنهيات بدعوى الفرح، ولنحرص على طاعة الله تعالى في جميع الأوقات، ولنحرص على صلة الأرحام والتوسعة على الأهل والأولاد وإدخال السرور عليهم في غير إسراف أو محرم.

مع تحيات

اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابرٌ.