الأربعاء ، ٢ جمادى الآخر ، ١٤٤٦ هجري | 04 ديسمبر 2024 ميلادي
تحديات معاصرة وسبل المواجهة خطبة عيد الفطر 1444
وصف الخطبة : -

الغرض من الخطبة: موعظة عيد الفطر 1444ه‍.


عنوان الخطبة (تحديات معاصرة وسبل المواجهة)

الغرض من الخطبة: موعظة عيد الفطر 1444ه‍.

عناصر الخطبة:

1- حفظ الدين وخطورة الدعوات للدين الإبراهيمي.

2- حفظ الدين وظاهرة الإلحاد

3- حفظ النفس وظاهرة البلطجة

4- حفظ النفس وظاهرة الانتحار

5- حفظ العقل وخطورة المخدرات

6- حفظ العرض والدعوات للشذوذ

7- حفظ المال وظاهرة القروض الربوية.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

فالتكبير شعار فرحتنا، ومصدر عزتنا، وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: 185]

يفرح المؤمنون الصادقون بعيدهم، يفرحون بنعمة ربهم، يفرحون ويستبشرون، يفرحون بفضل الله وبرحمته، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ  [يونس: 58]

فنحن اليوم نفرح وحق لنا أن نفرح، وفرح اليوم ليس كأي فرح، إنه فرح بتمام شهرنا، فرح بطاعة ربنا ، نفرح بعبادة الله ، فاليوم نفرح وحق لنا أن نفرح، فقد قال رسول الله : «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» متفق عليه.

ورمضان هذا العام كان مبهجًا -بفضل الله- أكثر مِن أي عام؛ فرأينا مشاهد انشرحت لها الصدور، وكأننا نراها لأول مرة!

ولكن مما يزيد هذه المشاهد روعة: أنها مَثَّلت ردودًا مباشرة على كيد أعداء الشريعة ومكرهم، وصدق الله  إذ يقول: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [إبراهيم: 46]

ومن المعلوم أن شريعة الإسلام جاءت لجلب المصالح أو تَكْمِيلها، ودَفْع المضَار أو تَقْلِيلها، وهي مبنية بناءً متينًا حكيمًا، لأنها من العزيز الحكيم الحميد، فما من مصلحة في الدنيا والآخرة إلا وأرشدت إليه ودلت عليه، وهذا عامٌ يشمل كلما يحتاج الإنسان إليه في أمور دينه ودنياه، ولذلك فإن شريعتنا الغراء اهتمت واعتنت بحفظ الضرورات الخمس، وهي: حِفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال.

فحرمت علينا الشريعة الإسلامية كل ما يضر بهذه الضرورات، والمتأمل في الواقع المعاصر يجد العديد من التحديات والعقبات في طريق الحفاظ على الضرورات الخمس، والتي نحتاج أن نقف معها ونسلط الضوء عليها، لبيان خطرها وتوضيح سبل مواجهتها.

تحديات معاصرة وسبل المواجهة

أولًا: حفظ الدين وخطورة الدعوات للدين الإبراهيمي.

لقد جاءت النصوص القرآنية متوالية في حفظ الدين وحمايته، وحفظ كيانه، تأسيسًا وتثبيتًا لوجوده، ودفعًا ورفعًا لكلِّ ما يُقصد إليه من مجاوزة حدوده.

فلقد بيَّنت شرعة الإسلام أنَّه لا دين صحيح غير الإسلام فقال : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران: 85].

وقال  : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُر بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَريعُ الْحِسَابِ [آل عمران: 19].

وبيَّن  أنَّه الدين الكامل، الذي لا يجوز لأحد أن يزيد فيه ولا أن ينقص منه، لأنَّه تشريعُ ربُّ العالمين، فقال : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة: 3].

ومن التحديات التي تواجهنا في هذا المعنى هي الدعوات التي ظهرت وتطالب بما يُسمي بــ الدين الإبراهيمي، وهذا الخلط بين الأديان يُقصَد به الخلط الذي تفقد معه العقيدة الإسلامية جوهرَها القائم على شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، لتصبح الفكرة الرئيسة هي الوصول إلى الله ؛ سواء عن طريق اليهودية أو النصرانية أو الإسلام، فلا فرقَ عند أصحاب هذه الدعوة بين تلك الأديان، وهذا الخلط فكرة ضالة قديمة، تظهر اليوم بثوب جديد؛ اسمه "الدين الإبراهيمي"، ومن المعلوم أنَّ إبراهيم ، وهو إمامُ الحنفاء كان حنيفًا مسلمًا، وهو بَرَاء من هذا التصور المختلط المشوَّهِ؛ قال : مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ  [آل عمران: 67].

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ  أَتَى النَّبِيَّ  بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، فَقَرَأَهُ عَلَى النَّبِيُّ  فَغَضِبَ وَقَالَ: «أَمُتَهَوِّكُونَ فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى كَانَ حَيًّا، مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي» أخرجه أحمد (23/ 349) وحسنه الألباني.

ثانيًا: حفظ الدين وظاهرة الإلحاد.

عباد الله إن الناظر من حوله ليدرك بوضوح وجلاء، أن أمتنا الإسلامية تتعرض في عصرنا الحالي لأزمات فكرية متصاعدة، وقد انتهى الأمر بالبعض من الشباب المسلم للأسف إلى مستنقع الإلحاد، وقد أخذت القوى المعادية لديننا في دعم الجماعات والأفكار الإلحادية، والتي تهدف إلى هدم المجتمع المسلم وزعزعة ثوابته ومعتقداته.

والإلحاد خطره عظيم؛ لأنه كفرٌ بالله  وميلٌ عن طريقه القويم، ويتضمن الكثير من الأفكار والمعتقدات التي تخالف الفطرة السليمة، وتناقض قيم الإسلام، فهو يقود إلى التطاول على الله  ونبيه ، بل هو سبيل إلى التكذيب بوجود الله جل وعلا والبعث ووجود الجنة والنار، وقد هدد الله  أهل الإلحاد في كتابه الكريم فقال : إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا، وقال : وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون

ثالثًا: حفظ النفس وظاهرة البلطجة.

تعد ظاهرة البلطجة من أخطر التحديات التي انتشرت في الآونة الأخيرة، وأخذت أشكالًا متنوعة على كافة المجالات والأصعدة، في الجامعات والمعاهد والمدارس والأسواق، فسالت بسببها الدماء وقتلت الأنفس، وهي إحدى الضرورات الخمس المطالب بالحفاظ عليها، وقد بدأت هذه الجريمة منذ بداية تاريخ البشرية كما في قصة هابيل وقابيل، لذلك قال : مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [المائدة: 32]

فشرع الإسلامُ القصاصَ لمن قُتل عمدًا فقال : وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، وقال : وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ، وشرع الإسلام حدَ الحرابةِ لقطاع الطرق، الذين يخرجون على الناس، فيرهبونهم ويقتلونهم أو يسرقون أموالهم، فقال : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة: 33]

وعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ  نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ، فَأَسْلَمُوا، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ «فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا» فَفَعَلُوا فَصَحُّوا فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا رُعَاتَهَا، وَاسْتَاقُوا الإِبِلَ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ «فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَّى مَاتُوا» صحيح البخاري (8/ 162)

وعن أبي هُرَيْرَةَ  عَنِ النَّبِيِّ  قَالَ: «لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي، لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ» صحيح البخاري (9/ 49)

رابعًا: حفظ النفس وظاهرة الانتحار.

الانتحار كبيرة من كبائر الذنوب، وقتل النفس ليس حلًا للخروج من المشاكل التي يبثها الشيطان، والوساوس التي يُلقيها في النفوس، ولو لم يكن بعد الموت بعث ولا حساب، لهانت كثيرٌ من النفوس على أصحابها، ولكن بعد الموت حساب وعقاب، وقبر وظلمة، وصراط، ثم إما نار وإما جنة؛ ولهذا جاء تحريم الانتحار بكل وسائله؛ من قِتْل الإنسان نفسَه، أو إتلاف عضو من أعضائه، أو إفساده أو إضعافه بأي شكل من الأشكال، أو قتل الإنسان نفسه بمأكول أو مشروب؛ ولهذا جاء التحذير عن الانتحار بقول ربِّنا ــ جلَّت قدرته، وتقدَّست أسماؤه ــ حيث قال : وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا  [النساء: 29، 30]، وقال :  وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[البقرة: 195]، وقال :  وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا  [الفرقان: 68، 69]. وكذلك جاء التحذير في سنة نبينا محمد ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا» صحيح مسلم (1/ 103)

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «الَّذِي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا فِي النَّارِ، وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا فِي النَّارِ» صحيح البخاري (2/ 96)

وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  التَقَى هُوَ وَالمُشْرِكُونَ، فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ  إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ  رَجُلٌ، لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: مَا أَجْزَأَ مِنَّا اليَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  عِنْدَ ذَلِكَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» صحيح البخاري (4/ 37)

خامسًا: حفظ العقل وخطورة المخدرات.

من التحديات التي تواجه المجتمع وتهدد حفظ العقل، ظاهرة تعاطي المخدرات، مثل المشروبات الكحولية، وكذلك سائر أنواع البراشيم، كالترامادول، والتامول، ويصل مستوى التدني في التعاطي إلى تعاطي بعض أدوية السعال والكحة وعشرات الأنواع التي يعجز اللسان عن ذكرها.

فلما كانت هذه الأنواع تذهب بالعقل الذي كرمته الشريعة الإسلامية صارت محرمةً فقال : وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث، وقال :  وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.

وَعَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ» سنن أبي داود (3/ 327)

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» سنن ابن ماجه (2/ 784)

وللمخدرات أضرار صحية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية.

فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطِيبًا, سَمِعْتُ النَّبِيَّ  يَقُولُ: «اجْتَنِبُوا أُمَّ الْخَبَائِثِ, فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ يَتَعَبَّدُ, وَيَعْتَزِلُ النَّاسَ, فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ, فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ خَادِمًا, فَقَالَتْ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِشَهَادَةٍ, فَدَخَلَ فَطَفِقَتْ كُلَّمَا يَدْخُلُ بَابًا, أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ جَالِسَةٍ وَعِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةٌ فِيهَا خَمْرٌ, فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نَدْعُكَ لِشَهَادَةٍ, وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ, أَوْ تَقَعَ عَلَيَّ, أَوْ تَشْرَبَ كَأْسًا مِنْ هَذَا الْخَمْرِ, فَإِنْ أَبَيْتَ صِحْتُ بِكَ وَفَضَحْتُكَ, قَالَ: فَلَمَّا رَأَى أنه لابد مِنْ ذَلِكَ, قَالَ اسْقِينِي كَأْسًا مِنْ هَذَا الْخَمْرِ, فَسَقَتْهُ كَأْسًا مِنَ الْخَمْرِ فَقَالَ: زِيدِينِي, فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا, وَقَتَلَ النَّفْسَ, فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ, فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ فِي صَدْرِ رَجُلٍ أَبَدًا, لَيُوشِكَنَّ أحدهما يخرج صاحبه» صحيح ابن حبان - محققا (12/ 169)

سادسًا: حفظ العرض والدعوات للشذوذ.

عباد الله، إن شريعتنا الغراء جاءت بحفظ الأعراض والأنساب وحرمة الزنا والفواحش بأنواعها.

فقال : وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا، وغلظت العقوبة على من تهاون في ذلك فقال : الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ.

ومن الفواحش التي نهت عنها الشريعة: (فعل قوم لوط) المعروف بالشذوذ والذي يسميه الغرب بالمثلية، والذي يدخل في مفهوم الزنا عند جماهير العلماء، قال : وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما اللواط فمن العلماء من يقول حده كحد الزنا، وقد يقال دون ذلك، والصحيح الذي اتفق عليه الصحابة أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل، سواء كانا محصنين أو غير محصنين، فإن أهل السنن رووا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ» مسند أحمد ط الرسالة (4/ 464)

ولما علم الغرب أن هذه الفعلة الشاذة تخالف فطرة المسلمين وشريعتهم، شنوا حربهم بلا هوادة على الوطن العربي والإسلامي، لفرض هذه المنكرات ونشرها بين أوساط المسلمين، ورصدت لذلك الأموال الطائلة، وعُرضت من خلال الدراما في شكل مسلسلات وأفلام تنادي بحقوق الشواذ على حد زعمهم، وألقيت المحاضرات والندوات، وألفت الكتب والرسائل، وقامت في أوروبا المظاهرات لإعطاء الشواذ حقهم، وصنعت لهم الأغاني والأناشيد وأصبح لهم رايات وأعلام عليها ألوان (قوس قزح)، ووضعت دعاياتهم على تيشيرتات لاعبي الكرة وفي ملاعبهم وعلى المنتجات الغذائية وغيرها.

ولازال الضغط مستمرًا للقبول بالشواذ ونبذ من يرفضهم، وسبحان الله إذ يقول: وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناس يتطهرون، ولما كانت هذه الفعلة شنيعة لهذا الحد كانت العقوبة أشد، فقال : فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ

سابعًا: حفظ المال وظاهرة القروض الربوية.

إن من الظواهر السيئة المخالفة للشريعة القروض الربوية، والمعاملات المالية المشبوهة، والتي نشاهدها في أسواقنا، وعند الشراكة التجارية والبيع والشراء وغيرها.

ولما كان المال ضروريًا للحياة أمرنا الله أن نحافظ عليه من الضياع، وأن لا يكون كسبه حرامًا، فقال : وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

وقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا، وقال :  يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ، وقال :  الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ . وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ  «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدِيهِ، وَكَاتِبَهُ» سنن ابن ماجه (2/ 764)

الربا من أكبر الكبائر، وقد نهى الشرع عن كل بيع فيه شبهة ربا، وأجاز البيع الحلال الذي لا ربا فيه، حيث كانت الجاهلية تموج بالبيوع الربوية، فهذب الإسلام تلك البيوع ونقحها، فعن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ  قَالَ: جَاءَ بِلاَلٌ إِلَى النَّبِيِّ  بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : «مِنْ أَيْنَ هَذَا؟»، قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ  فَقَالَ النَّبِيُّ  عِنْدَ ذَلِكَ: «أَوَّهْ أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ» صحيح البخاري (3/ 101)

ثامنًا: سبل المواجهة.

لقد وضع الإسلام علاجًا لجميع المشكلات، وبين دواءَ هذه الأزمات والتحديات، التي فتكت بمجتمعاتنا التي نعيش فيها، وما تركت الشريعة الإسلامية خيرًا إلا ودلتنا عليه، وما تركت شرًا إلا ونهتنا عنه، فعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ» موطأ مالك ت عبد الباقي (2/ 899)

وإن مسؤولية مواجهة هذه التحديات تقع على الجميع، بداية من الفرد، مرورًا بالأسرة والمجتمع، لذلك نقول أن من أبرز سبل المواجهة:

أولًا: تربية الأمة على معانى التوحيد.

والتوحيد يقوم على توحيد المعبود ، وتوحيد المتبوع .

- وتوحيد الرب تبارك وتعالى يقوم على إفراده بالعبادة وحده لا شريك له، والكفر بما يُعبد من دونه، قال :وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل: 36].

وقال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25]

- وتوحيد المتبوع: باتباع ما جاء به الرسول  من الأوامر والنواهي، قال الله : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران: 31].

وقال الله : فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: 158].

وقال النبي : «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ».

وكما أُمِرْنا بالاتباع، فقد نُهِينا عن الابتداع، فقال النبي : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» متفق عليه.

ثانيًا: طلب العلم والتفقه في الدين.

فقد قال رسول الله : «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» صحيح مسلم (4/ 2074)

وقال : «من يُرِدِ الله به خيرا يُفَقِّهْهُ في الدين». مسند أحمد مخرجا (28/ 63)

ثالثًا: الاستمرار والمداومة على الطاعة بعد رمضان.

قال  لنبيه : وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ الحجر:99، ونتأمل في قول الله، الذي نهانا أن نكون كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا النحل:92

فمن سبل مواجهة التحديات المداومة على الطاعة بعد رمضان، من الحرص على صيام الست من شوال، وقراءة القرآن والتعلق بالمساجد وغيرها.

رابعًا: تحقيق الغاية من فرضية رمضان.

فقد فرض الله سبحانه وتعالى علينا صيام شهر رمضان لحكمة عظيمة، ألا وهي تقوى الله سبحانه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة:183.

وقوله: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) معناه: لتحصل التقوى لكم.

والتقوى التي نعنيها أن تكون رهن الإشارة وطوع الأوامر، وأن توجد حيث أمرت، وتُفتقد حيث نُهيت، حيث عرفها ابن مسعود رضي الله عنه بقوله: أن يطاع الله فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر.

والتقوى هي المخرج من الأزمة الاقتصادية الحالية :

أولاً: بتيسير الأمور، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ ‌يُسْرًا [الطلاق: 4].

ثانيًا: يجعل لك المخرج ، ويرزقك من حيث لا تحتسب، قال تعالى: وَمَنْ ‌يَتَّقِ ‌اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2-3].

ثالثًا: يطرح لك البركة، قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ ‌بَرَكَاتٍ ‌مِنَ ‌السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف: 96].

خامسًا: أن تقوم الأسرة بدورها.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى مَالِ زَوْجِهَا، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ» جامع معمر بن راشد (11/ 319)

سادسًا: القدوات الصالحة.

مما لا شك فيه أن نهضة الأمم تتوقف كثيرًا على إظهار القدوات الصالحة، وكثرة النماذج الطيبة، وإحياء تاريخ الأماجد من أبنائها وعلمائها، وتوجيه الشباب والناشئة وأبناء الأمة على اختيار الأماثل وأصحاب الهمم العالية، والمنجزات الرائعة، وتحريضهم على اتخاذهم أسوة وقدوة؛ فإن التربية بالقدوة من أهم وسائل التربية.

وقد ربى الله هذه الأمة على ذلك، ونبهها إلى هذا الأمر الخطير، وأمرها أن تتخذ لها قدوة وأسوة، وأنها لن تجد أعظم من رسولها  ليكون في مقدمة من تقتدي بهم، قال : لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب: 21]

سابعًا: هجر الدراما الفاسدة من مسلسلات وأفلام وبرامج هابطة.

من سبل المواجهة أن نهجر مثل هذه الدراما الفاسدة، لأن مشاهدتها ودعمها يؤدي إلى انتشار مثل هذه المظاهر السيئة في المجتمع .

ثامنًا: التمسك بالهوية والاعتزاز بالمقدسات.

نحن أمة لها صبغة وطريقة وشريعة خاصة بها قال : صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ، والأمة في رمضان من أقصاها إلى أقصاها تصوم مع بعضها البعض في نسق واحد، فهي تصوم لرب واحد وفي توقيت واحد، في شهر يأتي ليؤكد على قضية هوية الأمة.

رمضان يذكرنا بالمقدسات والمسجد الأقصى، خاصة مع الحراك الأخير الذي حدث فيه، ويحذرنا من إهمال غرس حب هذه المقدسات والدفاع عنها في نفوس الأجيال القادمة.

أعداؤنا يسعون إلى طمس هويتنا من خلال تمييع العقيدة وتشويه صورة التاريخ، والتقليل من شأن اللغة العربية والتغرير بالمرأة المسلمة، ونشر الشهوات والشبهات لدى الشباب المسلم.

أخيرًا: دور الدعاة في الإصلاح.

يجب على الدعاة إلى الله وأصحاب المنهج السليم القيام بواجبهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة قال : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ

(الدعاء وآداب العيد)

مع تحيات

اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر