السبت ، ٢١ جمادى الأول ، ١٤٤٦ هجري | 23 نوفمبر 2024 ميلادي
حق النبي ﷺ على أمته
وصف الخطبة : -

الهدف من الخطبة في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة انه ﷺ قال :{والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار }.


عنوان الخطبة ((حق النبي ﷺ على أمته ))

الهدف من الخطبة في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة انه ﷺ قال :{والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار }.

عناصر الموضوع

1- الإيمان به وتصديقه ﷺ في كل ما اخبر

2- تعظيمه وتوقيره والأدب معه في حياته وبعد مماته

3- محبته أكثر من النفس والمال والولد .

4- الدفاع عن سنته وتبليغ دعوته ورسالته .

5- الصلاة والسلام عليه وسؤال الله له الوسيلة .

حق النبي ﷺ على أمته

• إن أعظم حق للمصطفي علي كل من أمن به، أو إن شئت فقل علي كل عاقل منصف علي وجه الأرض , أن يؤمن بالحبيب ﷺ فإن رسول الله هو خاتم الأنبياء , وهو الإمام الأعظم , الذي إن وجد في عصر من العصور لوجب علي كل من سمع به ولو كان نبي من الأنبياء أن يأتي المصطفي ليؤمن به , فالإيمان بالحبيب هو حد من حدود الإسلام وشرط الإيمان قال جل وعلا: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: 81] ، فأعظم حق للنبي ﷺ أن يؤمن به كل إنسان علي وجه الأرض سمع به , لأنه من رحمة الله أن الله لا يعذب إلا من أقيمت عليه الحجة وقد بلغه أمر الرسالة والدعوة من شهادة .

ولقد بين الله أن نبيه لو زاد في الوحي آو نقص أو جاء بشيء من عند نفسه في دين الله لعجل الله له العقوبة في الدنيا, اسمع ماذا قال ربنا: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [الحاقة: 44 - 47] .

بل اعترف أبو جهل بصدق النبي ﷺ فقال للحبيب إنا لا نكذبك بل نكذب ما جئتنا به من عند الله فأنزل تعالي قوله : {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } [الأنعام: 33] .

ولقد وضعت النبوة أمام اختبارات دقيقة حرجة , وتبين في كل الاختبار صدق المصطفي , وأنه لا ينطق عن ألهوي.

تعلمون أن النبي ﷺ قد اخبر أن أبا لهب سيصلي نار ذات لهب كما قال تعالي في سورة المسد إذ قام أبو لهب وأعلن ولو بالكذب أنه قد أمن بالله لوضعت النبوة في مأزق حرج , ولكن رسول الله ﷺ لا ينطق عن الهوي , ومات أبو لهب علي الكفر، ولم يفكر لحظة من لحظات حياته في التوحيد والإيمان بالله لنعلم أن الرسول لا يتكلم في دين الله إلا بوحي معصوم من عند الله .

• بعد الإيمان والتصديق بما أخبر به ينبغي علي المسلم توقيره وتعظيمه والتأدب معه في حياته وبعد مماته :-

هل سمعت أخي الحبيب من حق النبي ﷺ علينا أن نوقره , وأن نعظمه , وأن نبجله , وأن نحترمه , وأن نتأدب معه في حياته وبعد مماته , لا يعرف قدر النبي ﷺ إلا الرب العلي فلم يخاطبه باسمه مجردا أبدا , فما من نبي إلا ونادي عليه الله باسمه مجردا من سيدنا آدم إلي سيدنا عيسي عليه السلام، إلا المصطفي ﷺ قال تعالي : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } [الأحزاب: 45].

وقال تعالي: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } [المزمل: 1 - 4] .

وقال تعالي : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة: 67].

وقال سبحانه وتعالي: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } [المدثر: 1 - 7].

ولما ذكر الله تعالى اسم النبي ذكر اسمه مقترنا بوصف النبوة والرسالة قال تعالي : {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } [الأحزاب: 40]

وقال تعالي : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } [آل عمران: 144]

انظر إلي قدر النبي ﷺ عند ربه قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [الحجرات: 1] .

ولا تقولوا خلاف الكتاب والسنة أي تأدبوا مع النبي ووقروه وعظموه وبجلوه , ولا يرفع أحد صوته فوق صوت النبي ﷺ لقوله تعالي : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] لماذا حتي لا تحبط أعمالكم , هل تعلمون أن هذه الآية قد نزلت في الخيرين الكبيرين الجليلين أبي بكر وعمر.

آيات تهدد بإحباط العمل روي البخاري} أن وفد بني تميم لما أقبل علي النبي ﷺ قال أبو بكر أمر عليهم القعقاع ابن معبد, فقال : عمر بل أمر عليهم الأقرع ابن حابس يا رسول الله , فقال : أبو بكر ما أردت إلا خلافي يا عمر, فقال عمر: والله ما أردت خلافك يا أبا بكر{ هذا هو الحوار الذي دار , مجرد رفع الصوت في حضرة النبي ﷺ جاء هذا الوعيد .

روي البخاري أن عمر بن الخطاب لما نزلت هذه الآية كان النبي لا يسمع عمر حتي يقول له النبي ﷺ ماذا تقول يا عمر ارفع صوتك يا عمر لا اسمع صوتك يا عمر

• الأدب مع الحبيب

وروي الحاكم بسند صحيح أن أبا بكر لما نزلت الآية قال للنبي ﷺ أقسمت علي نفسي يا رسول الله ألا أكلمك بعد اليوم إلا تآخي السرائر.

وأيضا الأدب بعد وفاة النبي ﷺ

كان الإمام مالك بن انس إذا أراد أن يحدث الناس في مجلس العلم بحديث مرتفع بهيبة ووقار حدث الناس بحديث رسول الله ﷺ قال بعض أهل العلم ولا ينبغي لمسلم أن يرفع صوته في مجالس العلماء تعظيما للنبي ﷺ .

• محبة النبي ﷺ أكثر من المال والولد والنفس :-

في الصحيحين من حديث انس أنه ﷺ قال :(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين )

وفي صحيح البخاري من حديث عمر بن الخطاب أن عمر قال: للنبي (لانت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي فقال : ﷺ ( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك ), فقال عمر: ألان والله أنت أحب إلي من نفسي، قال النبي ﷺ ( ألان يا عمر ) في هذا الحق نجد حلاوة الإيمان وينبغى علينا أن يكون عندنا هذا المعني الذي تنقلنا إلي العنصر التالي وهو :

• الدفاع عن سنته وتبليغ دعوته ورسالته

من يحب النبي في هذا الزمان يجب أن ينصر سنته , وأن يقمع البدعة.

لقد أصبحت السنة غريبة , وأصبحت البدع منتشرة , ينبغي علينا أن ننصر السنة وأن يكون لنا دور في تبليغ رسالة النبي ﷺ فهي من أعظم حقوق النبي ﷺ علينا قال تعالي : {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108] .

وفي صحيح البخاري من حديث عبد الله ابن عمر أنه ﷺ قال: ( بلغوا عنى ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار) ومن علامات الحب الصادق : بلغوا عني ولو اية

• الصلاة والسلام عليه وسؤال الله له الوسيلة

ونختم بهذا الحق وهو كثرة الصلاة والسلام علي النبي ﷺ , وسؤال الله له الوسيلة في صحيح مسلم حديث عبد الله بن عمر أن النبي ﷺ قال: ( من صلى علية صلاه صلى الله عليه بها عشرا ) فأكثر من الصلاة علي النبي قال تعالي: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56].

وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود في سننه من حديث أوس أن النبي ﷺ : « إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَىَّ مِنَ الصَّلاَةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَىَّ ». قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلاَتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ يَقُولُونَ بَلِيتَ. فَقَالَ : « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الأَرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ ».

وفي النهاية نذكركم بهذه الآية وهي قوله تعالي: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [آل عمران: 31، 32] .مع تحيات

اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر