السبت ، ٢١ جمادى الأول ، ١٤٤٦ هجري | 23 نوفمبر 2024 ميلادي
حقوق ضائعة 2 حق الزوجة على زوجها
وصف الخطبة : - الحمد لله الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، أحمده سبحانه كل ليلة ويوم. قبل الكلام عن حقوق الزوجة وما لها، نود أن نصحح مفهومًا خاطئًا يعتقده البعض عن المرأة، وهذا المفهوم يجعلهم يتعاملون مع المرأة بحذر؛ فقد فهِموا خطأً الآية القرآنية، فقالوا: إن كيد المرأة أشد من كيد الشيطان. فيقولون: إن الله لما ذكر كيد الشيطان، قال: { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } [النساء: 76]،

حـقـوق ضـائـعـة (( الحلقة الثانية ))
حـق الـزوجـة عـلى زوجـهـا
الحمد لله الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، أحمده سبحانه كل ليلة ويوم.
قبل الكلام عن حقوق الزوجة وما لها، نود أن نصحح مفهومًا خاطئًا يعتقده البعض عن المرأة، وهذا المفهوم يجعلهم يتعاملون مع المرأة بحذر؛ فقد فهِموا خطأً الآية القرآنية، فقالوا: إن كيد المرأة أشد من كيد الشيطان.
فيقولون: إن الله لما ذكر كيد الشيطان، قال: { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } [النساء: 76]، وعندما ذكر كيد النساء قال: ﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾ [ يوسف: 28].
فمن هذا المنطلق يتعاملون مع المرأة على أنها أسوأ من الشيطان، وينبغي الحذر منها.
وهذا مفهوم خاطئ؛ لأن الله لَمَّا وصف كيد الشيطان بأنه ضعيف؛ أي: بالمقارنة إلى كيد الله.
ولما وصف كيد المرأة بأنه عظيم؛ أي: بالنسبة لكيد يوسف - عليه السلام - فلا وجه للمقارنة بين كيد النساء وكيد الشيطان. 
وعلى هذا نقول للأزواج كما قال النبي : "رِفقًا بالقوارير". 
فأنتم تتعاملون مع مخلوق رقيق المشاعر يعطي بلا حدود، كله حنان وعطف، والكيِّس من اكتشف هذه الأحاسيس والمشاعر، وأحسَن توجيهها.
وقبل الكلام عن حقوق الزوجة، أريد منك أن تقف موقف المحايد المنصف، وأسألك سؤالاً: لو استأجرت خادمةً في اليوم، فغسلت لك ملابسك، ثم قامت بكيِّها، ثم طهَت لك الطعام، وقامت بتنظيف السكن، وتربية الأولاد، فما جزاؤها عندك؟ وهل ستقابل هذا الإحسان إلا بإحسان مثله؟ فكيف بزوجتك التي تفعل هذا كله؟! هذا بخلاف قضاء حاجتك من جماعٍ.
- فلا شك أن الزوجة الصالحة من أعظم نعمِ الله - تعالى - على الرجل بعد نعمة الإسلام؛ ولذلك يجب على الرجل حفظها ورعايتها، وأن يشكر ربه على هذه النعمة.
فإن لكل واحد منكما حقوقاً وواجبات على الآخر ، وهذه الحقوق  ثابتة في الشرع الحكيم ؛ لقول الله تعالى : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}  [البقرة: 228] .
ولقوله : " إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً"  رواه الترمذي وصححه .
وللزوجة على زوجها حقوق كثيرة من أهما :
 1) أعظم حق هو وقايتها من النار:
وذلك بحثها وأخذها على الخير ونهيها عن الشر قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]،  وكذلك حثها على الصلاة خاصة فقد قال تعالى : { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه : 132] . وكما سبق أن الزوجة التي لا يصلي زوجها يجب تركه ومفارقة كذلك هنا من لا تصلي لا يجوز البقاء معها ... ومن وقاية الأهل : أن تحثهم على الالتزام بالحجاب والعفة .  
2) النفقة عليها : 
النفقة على الزوجة وكسوتها من الحقوق الواجبة على الزوجة والتي فرط فيها الكثير من الناس ، وقد قال  لمن سأله عن حق الزوجة عليه ( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوِ اكْتَسَبْتَ ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود .
وتكون النفقة بالمعروف وما هو متعارف عليه في البلد .مع الحذر من المال الحرام ،
 *  والنفقة على الزوجة فيها أجر عظيم فقد قال رسول  : " إذا أنفق الرجل فهي له صدقة "  متفق عليه، وذلك إذا كان يريد بها وجه الله تعالى ويحسن النية فيها .
3 ) عدم ضربها بغير سبب :
ضرب الزوجة لا يجوز إلا للحاجة مثل لو نشزت وترفعت على زوجها ، ويكون ضرباً خفيفاً ، وقد أباح تعالى الضرب فقال : { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }[ النساء: من الآية34] . 
ولا يكون في الوجه قال  : (  وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود 
4 ) لا تهجرها إلا في البيت:
 لا تهجر زوجتك في غير البيت فتخرج وتغيب عنها أو تتركها في بيت أهلها، ويكون هذا الهجر بينكما ولا يحس بكم الأولاد حتى لا يحصل هناك شيء من الحساسيات، وتأثر الأولاد عندما يرون الأب يضرب أو يهجر أمهم، قال  : ( وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) رواه أبو داود . 
5 ) ولا تقول قبح الله وجهك :
عليك أيها الزوج أن تراعي مشاعر زوجتك وأن تتلفظ معها باللفظ الحسن ولا تجرح المشاعر وتأتى بألفاظ قبيحة لا تليق ، قال : " وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ "رواه أبو داود .
 6) العدل بين الزوجات:
 يجب على الزوج أن يعدل بين أزواجه، ويكون العدل في أمور كثيرة ، منها:  الطعام والشراب والكسوة والسكن والمبيت، ولا يلزم القسم فيما لا يملك من الحب ونحوه ، وقد حذر  من عدم العدل فقال: "من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً ".
7 ) عدم نشر سرها:
من حقوق الزوجة على زوجها أن لا يفشي سرها وأن لا يذكر عيباً فيها؛ إذ هو الأمين عليها والمطالب برعايتها، وأعظم المنكرات نشر ما يدور بينهما حال الجمال ونحوه ، لقوله :" إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" رواه مسلم.
8)  مساعدتها في بيتها:
وهو من أمور المستحبة والتي تسعد الزوجة ، وتريحها من عنا البيت ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : "كان رسول الله  إذا دخل البيت كأحدكم يخيط ثوبه و يعمل كأحدكم "  رواه البخاري، وفى رواية : " كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاة"ِ  .
9) مساعدتها في تربية الأبناء:
الكثير من الأزواج يترك عبأ الأولاد على أمهم ولا يهتم بهم وهذا بلا شك لا يصح منه ن بل الواجب على الزوجين التعاون على تربية البناء التربية الصحيحة . 
10) السماح لها بالخروج إذا احتاجت لذلك: 
على الزوج أن يسمح لزوجته بالخروج إذا احتاجت إليه كزيارة أهلها وأقاربها وجيرانها، وكذلك إذا استأذنته بالخروج إلى صلاة الجماعة، وكان خروجها شرعياً بحيث لا تمس طيباً، ولا تخرج بزينة تفتن بها الرجال فمن السنة أن يأذن لها؛ ولكنه ينبغي أن ينصحها بأن صلاتها في بيتها أفضل لها .
11) الغيرة عليها :
أن يغار عليها في دينها وعرضها، إن الغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم، وإن تمكنها منه يدل دلالة فعلية على رسوخه في مقام الرجولة الحقة والشريفة، ولا يعني ذلك  سوء الظن بالمرأة والتفتيش عنها وراء كل جريمة دون ريبة، فعن جابر بن عتيك قال: قال : " إن من الغيرة غيره يبغضها الله وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة". رواه أحمد وأبو داود، وحسنه الألباني في الرواء.
12) إشباع رغباتها الجنسية:
فللمرأة غرائز وشهوات جنسية يجب على الزوج إشباعها حتى لا تلجأ للحرام، وكثير من الأزواج لا يهتم إلا بنفسه ورغيته الجنسية فمتى ارتاح ترك الزوجة وهذا خطأ، فيجب أن ينتظر حتى تقضي نهمتها ...
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب على الرجل أن يطأ زوجته بالمعروف؛ وهو من أوكد حقها عليه: أعظم من إطعامها ، والوطء الواجب قيل: إنه واجب في كل أربعة أشهر مرة. وقيل: بقدر حاجتها وقدرته ؛ كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته. وهذا أصح القولين.اهـ
13) شكرها على ما تقوم به من أعمال:
فعلى الزوج أن يقوم بشكر زوجته على ما تقوم به من خدمة وتربية لأولاده، فعن أبي هريرة عن النبي  قال : " لا يشكر الله من لا يشكر الناس" رواه أبو داود وابن حبان وأحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع .
14) تحمل الأذى والصبر على ما يصدر من أمور: 
على الزوج أن يتحمل أذى زوجته ويتغافل عن كثير مما يبدر منها رحمة بها وشفقة عليها وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف فقال : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } [النساء: 19]. 
تحــذير
أيها الزوج احذر من :  السهر خارج المنزل 
فكثير من الأزواج لا يطيق الجلوس في المنزل فتراه دائم السهر والخروج مما يسبب المشاكل الزوجية ، الكثير لا يبالي بمشاعر الزوجة فيتركها وحيدة بين جدار غرفتها، وهذا ليس من المعاشرة بالمعروف ... وقد قال  لذلك الصحابي الذي يقوم الليل ويصوم النهار: " إن لأهلك عليك حقا " .فلتحذر من السهر لساعات طويلة وتترك زوجتك وحدها . 
احذر من الغيبة الطويلة في السفر :قد يسافر الزوج لطلب الرزق أو أمور أخرى ، ولطن عليه أن يراعي في سفره أن يكون قصيراً قدر المستطاع ، فمتى قضى أمره رجع إلى أهله قال  : " السفر قطعة من العذاب ، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه ، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه ، فليعجل الرجوع إلى أهله" رواه احمد وصححه الألباني .
أيها الأزواج : هذه الحقوق العظيمة التي فرضها الله ، لا يقوم بها ولا يرعاها إلا زوج يخاف الله ويتقيه ، ويعلم علم اليقين أنه محاسبه ومجازيه ، هذه الحقوق إذا قام الأزواج بها على وجهها ، كانت السعادة ، وحصلت الطمأنينة ، وشعرت المرأة بفضل زوجها عليها ، وأنه مؤمن بالله ، قائم لله بحقه وحقوق عباده ، وإذا رأت المرأة من زوجها الاستهتار والاستخفاف بحقوقها ، تنكد عيشها ، وتنغصت حياتها ، حتى ربما أنها لا تستطيع أن تقوم بعبادتها على وجهها ، لما ينتابها من الوساوس والخطرات ، وبما تشعر به من الذل والاضطهاد والأذية ، ولذلك قال العلماء : إن إضاعة حقوق الزوجات أعظم من إضاعة حقوق الأزواج ، فظلم النساء في حقوقهن عظيم ، والمرأة إذا ظُلمت ، ضاقت عليها الأرض بما رحبت ، فلا مفر لها إلا الله ، وشكواها إلى الله ، وتبث حزنها إلى الله ، وكفى بالله ولياً ، وكفى بالله نصيراً ، وويل لمن كان الله خصمه يوم القيامة.