عنوان الخطبة ((عرفات .. يوم المغفرة))
الهدف من الخطبة بيان فضل يوم عرفة، والحث على اغتنامه بالأعمال الصالحة كالتوبة والدعاء، وبيان سنن وآداب عيد الأضحى
عناصر الموضوع
1) فضائل يوم عرفة.
2) التوبة والإنابة.
3) الدعاء والرجاء.
4) سنن وآداب العيد
عرفات .. يوم المغفرة
مقدمة الموضوع: أما بعد، قال الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، فليفرح المسلمون بما جاءهم من الله تعالى من الهدى ودين الحق وهو الإسلام; فإن الإسلام الذي دعاهم الله إليه، والقرآن الذي أنزله على محمد صَلى الله عليه وسلم، خير مما يجمعون من حطام الدنيا وما فيها من الزهرة الذاهبة الفانية.
فضائل يوم عرفة
1- أقسم الله عز وجل به: فقال تعالى: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ . وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ . وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وحسنه الألباني.
2- أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على هذه الأمة: قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، وعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ. رواه البخاري ومسلم.
3- أنه أكثر يوم يعتق الله تعالى فيه أناسًا من النار: فعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ". رَوَاهُ مُسلم.
4- أنه يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النيران، ولو لم يكن في العشر إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». رواه مسلم؛ فيستحب صيام يوم عرفة لنيل هذا الفضل.
5- فيه يقرب الرب سبحانه من عباده قربًا يليق بعظمته: كما في الحديث: "وَإِنَّهُ لَيَدْنُو"، والقول في دنوه تعالى كالقول في نزوله وسائر صفاته، يجب الإيمان بها وتصديقها بدون تشبيه ولا تمثيل، وبدون تكييف ولا تعطيل، وبدون تحريف ولا تأويل، كما جرى عليه السلف رضي الله عنهم.
6- يباهي الرب سبحانه ملائكته بأهل الموقف: كما في الحديث: "وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّ الله يباهي بأهلِ عرفاتٍ أهلَ السماءِ، فيقول لهم: انظروا إلى عبادي جاؤني شُعثاً غبراً". رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: "إن الله عز وجل يباهي ملائكتَه عَشِيَّة عرفةَ بأَهلِ عرفةَ، فيقول: انظُروا إلى عبادي شُعثاً غُبراً". رواه أحمد والطبراني، وقال الألباني: حسن صحيح، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "..فإذا وقفَ بعرفةَ فإنّ الله عز وجل يَنزلُ إلى سماءِ الدنيا فيقول: انظروا إلى عبادي شُعثاً غُبراً، اشهدوا أني قد غفرت لهم ذنوبهم، وإن كانت عدد قَطرِ السماء ورملِ عالج". رواه البزار وابن حبان وصححه الألباني. قوله: [رمل عالج] هو ما تكاثر ودخل بعضه في بعض.
7- فيه خير الدعاء: فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قدير". رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وصححه الألباني؛ فيستحب الإكثار من ذكر الله تعالى في هذا اليوم، وكذلك يستحب الإكثار من الدعاء فيه، فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.
8- يوم عيد للمسلمين: فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ هُنَّ عِيدُنا أَهْلَ الْإِسْلَامِ هُنَّ أَيَّامُ أكل وشرب». أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني.
9- لا يصح حج أحد إلا بالوقوف بعرفة: فَعَن عبدِ الرَّحمنِ بنِ يَعمُرَ الدَّيْلي أنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وصححه الألباني.
التوبة والإنابة
التوبة عمل صالح يحبه الله تعالى ويفرح به، ويأمر به عباده المؤمنين، قَالَ الله تَعَالَى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحا}، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ". متفق عليه، وفي رواية لمسلم: "إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ".
وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مائةَ مرِّةٍ». رَوَاهُ مُسلم.
وَعَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ يَقُولُ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ» مِائَةَ مَرَّةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وصححه الألباني.
الدعاء والرجاء
إن الله تعالى عليم حكيم، عظيم قدير لا يعظم عليه شيء ولا يخفى عليه شيء، فاسألوه عز وجل كل شيء، اسألوه رحمة منه وفضلاً، اسألوه توفيقًا وتسديدًا، وتسيرًا ورزقًا، اسألوه شفاءً وعافية ولطفًا، قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا}.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يقُلْ: اللهُمَّ اغفِرْ لي إِنْ شِئتَ ارْحمْني إِنْ شِئْتَ ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ وَلِيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ إِنَّه يفعلُ مَا يَشَاء وَلَا مكره لَهُ". رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شيءٌ أعطاهُ". رَوَاهُ مُسلم.
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ..» الحديث. رَوَاهُ مُسلم.
عباد الله حذار من الإحجام عن الدعاء، حذار من الغفلة والانشغال عنه، حذار من التفريط في هذا السلاح المشروع؛ فإن الدعاء من أعظم أسلحة المواجهة والوقاية، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وحسنه الألباني.
وعلى العبد ألا يتعجل الدعاء وأن يعلم أنه ينتفع بالدعاء لا محالة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يقُلْ: اللهُمَّ اغفِرْ لي إِنْ شِئتَ ارْحمْني إِنْ شِئْتَ ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ وَلِيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ إِنَّه يفعلُ مَا يَشَاء وَلَا مكره لَهُ". رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شيءٌ أعطاهُ". رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ». قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: "يَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَابُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعاءَ". رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْعُو بِدُعَاءٍ إِلَّا آتَاهُ اللَّهُ مَا سَأَلَ أَوْ كَفَّ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهُ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رحم». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وحسنه الألباني، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عنهُ من السُّوءِ مثلَها". قَالُوا: إِذنْ نُكثرُ، قَالَ: «الله أَكثر». رَوَاهُ أَحْمد وقال الألباني: حسن صحيح.
وعلى العبد أن يتأدب بآداب الدعاء، ومنها الإخلاص، وحمد الله تعالى والثناء عليه، والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، والإلحاح في الدعاء، والطهارة، ورفع اليدين، وغير ذلك.
وعلى العبد أن يغتنم الأوقات الفاضلة، ومواطن إجابة الدعاء، ومنها الثلث الأخير من الليل، وفي صلاته وسجوده، وبين الأذان والإقامة، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ ساجد فَأَكْثرُوا الدُّعَاء». رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: «جَوْفُ اللَّيْلِ الآخر ودبر الصَّلَوَات المكتوبات». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وحسنه الألباني، وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ". رواه مسلم، وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَان وَالْإِقَامَة». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وصححه الألباني.
سنن وآداب العيد
بعد يوم عرفة وفضائله يأتي يوم النحر والأضحى بفضائله؛ إذ هو أعظم الأيام عند الله تعالى؛ فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ». رواه أبو داود وصححه الألباني.
ويوم النحر هو يوم الأضحى، ويوم القر هو التالي له، وهو يوم الحادي عشر من ذي الحجة؛ حيث إن الحجيج يقرون فيه بمنى.
ثم تأتي ثلاثة أيام التشريق، وهي الأيام المعدودات التي أمرنا الله تعالى بذكره فيها فقال سبحانه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. رواه البخاري معلقًا، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى، فعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أكل وَشرب وَذكر الله». رَوَاهُ مُسلم.
ولا يحل صيام أيام التشريق إلا للحاج الذي لم يجد الهدي حيث رُخِّصَ له في صومها؛ وقد بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ينادي في الناس: «لا تصوموا هذه الأيام أيام التشريق فإنها أيام أكل وشرب». رواه أحمد والنسائي في الكبرى وصححه الألباني، وعَنْ عَائِشَةَ وابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أنهما قَالاَ: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ. رواه البخاري.
والعيد شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة الظاهرة, والمسلمون ليس عندهم إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، ولا يحل لنا الاحتفال بغيرهما من الأعياد، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد صححه الألباني.
هذا ومن تأمل في هذا التشريع الحكيم علم لماذا العيد؟ ولماذا نفرح؟ فإن الأعياد شرعت للفرح بالتوبة والطاعة والمغفرة والفوز بالجنة والنجاة من النار، قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، فليفرحوا بالطاعات، فليفرحوا بالرحمات، فليفرحوا بالبركات، فليفرحوا بإقامة الصلوات، فليفرحوا بالإحسان والصدقات، فليفرحوا بالصيام، فليفرحوا بالحج، وغير ذلك من الطاعات؛ فلا يجوز للعبد إذن أن يفرح بمعصية الله تعالى ونحوها ونحن في هذه المواسم العظيمة، وأفضل أيام الدنيا، ونستقبل أعظم أيامها، فاحذروا عباد الله من احتراق الحسنات، ولنحرص على طاعة الله تعالى في جميع الأوقات، ولنحرص على صلة الأرحام والتوسعة على الأهل والأولاد وإدخال السرور عليهم في غير إسراف أو محرم.
وللعيد سنن وآداب منها:
1- التكبير المقيد: ويبدأ التكبير المقيد من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق؛ فعَنْ عَلِيٍّ رضى الله عنه أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ الْعَصْرِ. رواه ابن أبى شيبة وصححه الألباني.
وكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ، إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنَ النَّحْرِ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. رواه ابن أبى شيبة وصححه الألباني.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لَا يُكَبِّرُ فِي الْمَغْرِبِ، يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه وصححه الألباني.
ويرفع المسلم صوته بالتكبير، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْعِيدَيْنِ رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وحسنه الألباني.
2- ومن آدابه الاغتسال، والتنظف، والتطيب، والتسوك، ولبس الثياب الجميلة، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ. أخرجه الطبراني وقال الألباني: هذا إسناد جيد، وعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ، قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى. أخرجه مالك وصححه الألباني، وعَنْ زَاذَانَ أنه قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ الْغُسْلِ فَقَالَ: «اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ»، فَقَالَ: الْغُسْلُ الَّذِي هُوَ الْغُسْلُ؟ قَالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَيَوْمُ الْفِطْرِ». أخرجه الشافعي في المسند وقال الألباني: سنده صحيح.
3- الفطر من أضحيته بعد الرجوع من المصلى، فعَنْ بُرَيْدَةَ بن الحصيب رضي الله عنه أنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ». أخرجه الترمذي وصححه الألباني، في رواية: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلَا يَأْكُلُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ». أخرجه أحمد وحسنه الأرناؤوط.
4- وأن يخرج إلى المصلى ماشيًا ويرجع ماشيًا: فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا، وَيَرْجِعُ مَاشِيًا». رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أنه قَالَ: إِنَّ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْعِيدِ. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
5- مخالفة الطريق، فيذهب من طريق ويرجع من طريق آخر: فَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيق. رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصححه الألباني.
6- صلاة العيد في المصلى، وسماع خطبته، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ، وَيُوصِيهِمْ، وَيَأْمُرُهُمْ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ». متفق عليه.
7- خروج جميع المسلمين لشهود الصلاة رجالاً ونساءً صغارًا وكبارًا: فعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتَ الْخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَتَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». متفق عليه.
8- صلاة ركعتين في البيت بعد الرجوع من صلاة العيد: فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. أخرجه ابن ماجه وحسنه الألباني.
9- لا حرج في التهنئة بالعيد: فعن محمد بن زياد أنه قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك. قال الإمام أحمد بن حنبل: إسناده اسناد جيد، وعن جُبَير بن نفير أنه قال: كان أصحاب النبي صلى اللهُ عليه وسلَّم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبَّل الله منا ومنك. رواه المحاملي في كتاب صلاة العيدين وصححه الألباني.
10- التوسعة على الأهل والعيال في المباح مع اجتناب الحرام؛ فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ». رَوَاهُ أحمد وأَبُو دَاوُد والنسائي وصححه الألباني، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى تُدَفِّفَانِ وَتَضْرِبَانِ وَفِي رِوَايَةٍ: تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَغَشٍّ بِثَوْبِهِ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ: "دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ وَفِي رِوَايَةٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ إِن لكل قوم عيدا وَهَذَا عيدنا". متفق عليه، ولا يجوز استباحة العيد بفعل المحرمات وارتكاب المنهيات بدعوى الفرح، ولنحرص على طاعة الله تعالى في جميع الأوقات، ولنحرص على صلة الأرحام والتوسعة على الأهل والأولاد وإدخال السرور عليهم في غير إسراف أو محرم.
نسأل الله تعالى القبول والتوفيق والسداد .
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر