عنوان الخطبة ((أفضل أيام الدنيا))
الهدف من الخطبة بيان فضل العشر الأول من ذي الحجة، والحث على اغتنامها بالأعمال الصالحة
عناصر الموضوع
1) فضائل أيام العشر.
2) صور من العمل الصالح في الأيام العشر.
3) أحكام الأضحية.
أفضل أيام الدنيا
المقدمة: أما بعد، فإن من فضل الله تعالى علينا توالي مواسم الطاعات التي يتزود فيها الصالحون من طاعة ربهم، والتقرب إليه، ها هي أفضل أيام الدنيا قد أقبلت، فهل من مغتنم لها؟ وهل من مجد فيها؟ قال تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)؛ فالتزود من الطاعات شأن الصالحين، واغتنام الأوقات الفاضلة حال المتقين، فالسعيد من اغتنم تلك الأيام، إنها الأيام الفاضلة، الأيام العشر الأول من ذي الحجة، التي ليست كغيرها من الأيام بل لها فضائل عظيمة.
بين يدي الخطبة:
فضائل أيام العشر
1- هي الأيام المعلومات التي ذكرها الله تعالى في كتابه فقال سبحانه: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).
2- وهي عشر التمام والكمال؛ فهي التي أتمم الله بها أربعين موسى عليه السلام ثم كلمه الله تعالى، قال جل وعلا: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْعَشْرِ مَا هِيَ؟ فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثِينَ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ، وَالْعَشَرُ عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَمَسْرُوقٌ، وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ كَمَّلَ الْمِيقَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَحَصَلَ فِيهِ التَّكْلِيمُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِيهِ أَكْمَلَ اللَّهُ الدِّينَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا).
3- ذهب جمهور المفسرين أن العشر التي أقسم الله تعالى بها في قوله سبحانه: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، هي عشر ذي الحجة، وقال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح.
4- وهي أفضل أيام الدنيا: فعَنْ جَابِرِ بن عبد الله رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا أَيَّامُ الْعَشْرِ»، يَعْنِي: عَشْرَ ذِي الْحَجَّةِ، قِيلَ: وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: «وَلا مِثْلُهُنَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ عُفِّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ» أخرجه البزار وصححه الألباني.
5- وفيها يوم عرفة: هو يوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ولو لم يكن في هذه الأيام إلا يوم عرفة لكفاها ذلك فضلاً، فعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». رواه مسلم، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ». رواه مسلم، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». رواه الترمذي وحسنه الألباني.
6- أن فيها يوم النحر: وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ». رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني، ويوم القر: هو يوم الاستقرار في منى.
7- اجتماع أمهات العبادات فيها: من صلاة وصدقة وصيام وحج، وهذا لا يجتمع في غيرها.
8- العمل الصالح فيها أجره عظيم: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ». رَوَاهُ البُخَارِيّ، وفي رواية: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى». قِيلَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»، قَالَ: وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا دَخَلَ أَيَّامُ الْعَشْرِ اجْتَهَدَ اجْتِهَادًا شَدِيدًا حَتَّى مَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ. أخرجه الدارمي وحسنه الألباني.
وإذا علمنا أن فضل الجهاد عظيم أدركنا مدى عظيم فضل العمل الصالح في هذه الأيام لمنافستها لها، فالجهاد هو ذروة سنام الإسلام، وأجره جليل، ومن ذلك: عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مقامُ الرجلِ في الصفِّ في سبيلِ اللهِ أَفضلُ عندَ اللهِ من عبادةِ الرجلِ ستين سنةٌ". رواه الحاكم وصححه لغيره الألباني، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». متفق عليه، وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ؟ قَالَ: «لاَ أَجِدُهُ». قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلاَ تَفْتُرَ، وَتَصُومَ وَلاَ تُفْطِرَ؟» قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ، فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ. رواه البخاري، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا». متفق عليه، وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». متفق عليه، وَعَن سلمانَ الفارسيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
فتأمل عظم هذا الأجر الذي يناله الطائع في هذه الأيام العشر، وكيف يفضل العمل الصالح فيها على الجهاد إلا في حالة واحدة!
صور من العمل الصالح في الأيام العشر
مع عظيم فضائل الأيام العشر الأول من ذي الحجة، ومع عظيم فضل العمل الصالح فيها، فإنه لا يسع المسلم اللبيب الفطن إلا اغتنامها بالأعمال الصالحة نوعًا وكمًا، فيكثر منها ويتنوع فيها فلا يقتصر على عبادة واحدة؛ ومن صور الأعمال الصالحة:
1- الاستعداد لهذه الأيام: بالتوبة والاستغفار وصدق الرجوع إلى الله تعالى: قال سبحانه: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وقال جل وعلا: (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، وَعَنِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مائةَ مرِّةٍ». رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ومن منا لم يعص؟! عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وحسنه الألباني، فعلينا أن نبادر بالتوبة إلى الله تعالى، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «إِنَّ الْعَبَدَ إِذَا اعْتَرَفَ ثُمَّ تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ». متفق عليه.
2- المحافظة على الصلاة: أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى المحاقظة على الفرائض، ويستحب التبكير إليها، والمسارعة إلى الصف الأول، والإكثار من النوافل، فعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه أنه قال: سألت رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيُّ العملِ أحبُّ إلى الله؟ قال: "الصلاةُ على وقْتِها" قلتُ: ثُمَّ أيّ؟ قال: "بِرُّ الوالِدَيْنِ" قلتُ: ثُمَّ أيّ؟ قال: "الجهادُ في سبيلِ الله". رواه البخاري ومسلم، وعن ثوبان رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلمَ يقول: "عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة". رواه مسلم، وهذا الفضل عام في كل وقت.
3- الصدقة: قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً)، وقال سبحانه: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وقال جل وعلا: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، وقال عز وجل: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا الطَّيِّبَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَل». متفق عليه، وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَبْعَة يظلهم الله تَعَالَى فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ..» منهم: «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ». متفق عليه، وعن عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ، قَالَ: «فَإِنَّ مَالَهُ مَا قَدَّمَ، وَمَالُ وَارِثِهِ مَا أَخَّرَ». رواه البخاري، وَعَن عديِّ بن حاتمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة». مُتَّفق عَلَيْهِ، وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: سمعتُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "كل امرئٍ في ظلٍّ صدقتِه حتى يُقضى بين الناس". رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان وصححه الألباني، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: يا رسولَ الله أي الصدقة أفضل؟ قال: "جُهدُ الُمقِلِّ، وابدأ بمن تعول". رواه أبو داود وصححه الألباني.
4- الصيام: حيث يدخل في جملة الأعمال الصالحة، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ". متفق عليه.
وقد حث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على صيام يوم عرفة فقَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ». رَوَاهُ مُسلم.
فمن طابت نفسه بصيام التسع الأول من ذي الحجة فذلك خير، ومن لم يفعل فليصب منها، وليحرص على صوم يوم عرفة خصوصًا.
5- الحج والعمرة: الحج من أفضل الأعمال: فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟ قال: «إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قال: «جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ». قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قال: «حَجٌّ مَبْرُورٌ». متفق عليه، والحج جزاؤه الجنة: عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّةُ». متفق عليه، وهما ينفيان الذنوب والفقر: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الْجَنَّةَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِي وصححه الألباني.
6- قراءة القرآن الكريم: قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ . لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)، وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَو فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلَا تستطيعها البطلة». رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شاق لَهُ أَجْرَانِ». متفق عليه، وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضيَ اللهُ عَنْهُما أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارَتْقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَة تقرؤها". رَوَاهُ أَحْمد وأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وحسنه الألباني، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ: آلم حَرْفٌ. أَلْفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصححه الألباني.
7- الإكثار من ذكر الله تعالى: قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)، وهي العشر الأول من ذي الحجة، وروى البخاري تعليقًا فقال: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ" أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُم: «يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا»، وَكَبَّرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ خَلْفَ النَّافِلَةِ، وقال: وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا»، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ «يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعًا»، وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ: «تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ»، وَكُنَّ «النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي المَسْجِدِ»، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ". رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
والمؤمن دائم الذكر لله تعالى، ولكنه يكثر في هذه الأيام من التهليل والتكبير والتحميد والتسبيح، والتكبير المطلق يكون في جميع أوقات أيام العشر، أما التكبير المقيد دبر الصلوات فيبدأ من فجر يوم عرفة، وينتهي مع غروب شمس ثالث أيام التشريق.
8- الإمساك عن الشعر والظفر لمن أراد أن يضحي: فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضيَ اللهُ عَنْها أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ بَعْضُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وَفِي رِوَايَةٍ «فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا وَلَا يَقْلِمَنَّ ظُفْرًا»، وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ». رَوَاهُ مُسلم.
9- الأضحية: قال تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وعَنْ عَائِشَةَ رَضيَ اللهُ عَنْها أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهُ لَيُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ الله بمَكَان قبل أَن يَقع بِالْأَرْضِ فيطيبوا بهَا نفسا». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وصححه الألباني.
والأعمال الصالحة كثيرة، ويستحب الإكثار منها في هذه الأيام ومن ذلك أيضًا: كثرة الذكر، والدعاء، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والإصلاح بين الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ اللسان والفرج، والإحسان إلى الجيران، وإكرام الضيف، وإماطة الأذى عن الطريق، والنفقة على الزوجة والعيال، وكفالة الأيتام، وزيارة المرضى، وقضاء حوائج المسملين، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلمَ، وعدم إيذاء المسلمين، والدعاء لهم بظهر الغيب، وأداء الأمانات، والوفاء بالعهد، وإغاثة الملهوف، وغض البصر عن محارم الله، وإسباغ الوضوء، والوضوء في البيت، والجلوس بعد صلاة الفجر يذكر الله تعالى إلى طلوع الشمس، وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والإكثار من النوافل، وذكر الله عقب الصلوات، والحرص على الكسب الحلال، وإدخال السرور على المسلمين، والشفقة بالضعفاء، واصطناع المعروف، والدلالة على الخير، وسلامة الصدر، وترك الشحناء، وتعليم أبناء المسلمين، والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير...
أحكام الأضحية
من جملة العمل الصالح في هذه الأيام، نحر النسك من الأضاحي والهدي تقربًا إلى الله تعالى.
والأضحية: هي ما يذبحه غير الحاج من بهيمة الأنعام تقربًا إلى الله تعالى أيام عيد الأضحى، وهي سنة مؤكدة، لقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، وقال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلمَ في المدينة عشر سنين يضحي فيها؛ فَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنه قَالَ: أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضحي. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وحسنه الألباني.
وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحي بالأحسن والأفضل والأكمل؛ فعَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: «ضَحَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ»، قَالَ: «وَرَأَيْتُهُ يَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ، وَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»، قَالَ: «وَسَمَّى وَكَبَّرَ». رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وزجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من استطاع أن يضحي فلم يضحِّ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا». رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وقد ضحى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نفسه، وعن مَنْ لم يُضَحِ مِنْ أمته، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ وَيَبْرَكُ فِي سَوَادٍ وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ قَالَ: «يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»، ثُمَّ ضحى بِهِ. رَوَاهُ مُسلم.
والأضحية والهدي والذبح والنحر تقربًا إلى الله سبحانه وتعالى أحب الأعمال إلى الله تعالى يوم النحر: فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، وَإِنَّهُ لَيُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ الله بمَكَان قبل أَن يَقع بِالْأَرْضِ، فيطيبوا بهَا نفسًا». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وصححه الألباني.
فينبغي على المسلم أن يحرص على أن يضحي متى استطاع إلى ذلك سبيلاً.
هذا وللأضحية المشروعة شروطًا لابد من التقيد بها، كما يلي:
الشرط الأول: أن تكون الأضحية من جنس بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والغنم والماعز، بأنواعهم، ذكورها وإناثها، وأجناسها، فيدخل الجاموس مع البقر وهكذا، ولا تصح الأضحية من غير بهيمة الأنعام، لقوله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)، ولم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا عن أحد من الصحابة التضحية بغيرها.
الشرط الثاني: بلوغ السن المعتبر شرعًا في الأضاحي: وهذا الشرط محل إجماع بين أهل العلم؛ فلم يختلفوا في أن ما دون السن المعتبر لا يجزئ ولو كانت سمينة أو ذات لحم وفير؛ فعدم اعتبار هذا الشرط وإلغاؤه لا يسوغ الاختلاف فيه، بل يعد خروجًا عن نصوص السنة، وشذوذًا عما اتفق عليه العلماء؛ فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْن». رَوَاهُ مُسلم، وعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَضْحَى بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَقَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلاَةِ، فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَلاَ نُسُكَ لَهُ»، فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ -خَالُ البَرَاءِ-: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِّي نَسَكْتُ شَاتِي قَبْلَ الصَّلاَةِ، وَعَرَفْتُ أَنَّ اليَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ شَاتِي أَوَّلَ مَا يُذْبَحُ فِي بَيْتِي، فَذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلاَةَ، قَالَ: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّ عِنْدَنَا عَنَاقًا لَنَا جَذَعَةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ شَاتَيْنِ، [وفي رواية: خَيْرٌ مِنْ مُسِنَّةٍ]، أَفَتَجْزِي عَنِّي؟ قَالَ: «نَعَمْ وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». رواه البخاري ومسلم.
والمسنة هي الثنية، وهي ما ألقت ثناياها –الأسنان التي في مقدمة الفم–، والتي يقال عنها في أعرافنا: كسرت أسنانها.
وعند جماهير الفقهاء يجزئ في الأضاحي ما بلغ سن المسنة إلأا في الضأن فيجزئ فيه الجذع بالنص، والمسنة عندهم كما يلي:
يشترط في الإبل بلوغ خمس سنين فما زاد، وفي البقر: سنتين فما زاد، وفي الماعز: سنة فما زاد.
وأما الضأن فيصح فيه الجذع، وهو ما أكمل سنة، وقيل: ستة أشهر؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله: أصابني جذع. قال: "ضحِّ به". رواه البخاري ومسلم.
الشرط الثالث: السلامة من العيوب: يشترط في الإبل والبقر والماعز والغنم أن تكون سالمة من العيوب التي من شأنها أن تسبب نقصانًا في اللحم، أو كمالاً في الخلقة عن مثلها، فلا تجزئ العرجاء الظاهر عرجها، ولا العوراء الظاهر عورها، ولا المريضة الظاهر مرضها، ولا العجفاء الظاهر ضعفها؛ فعَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزَ أنه قَالَ: سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ؟ فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ فَقَالَ: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ"، فَقَالَ: "الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَالْكَسِيرُ [العجفاء] الَّتِي لَا تَنْقَى". قَالَ: قُلْتُ: فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقَرْنِ [والأذن] نَقْصٌ، وَأَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ. قَالَ: «مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ». رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن الأربعة وصححه الألباني.
الشرط الرابع: التذكية في الوقت المعتبر شرعًا للأضحية: فيبدأ وقت ذبح الأضاحي من بعد الفراغ من صلاة عيد الأضحى؛ فإن ذبح قبل ذلك فهو لحم قدمه لأهله؛ والأفضل ذبحها بعد الفراغ من صلاة العيد؛ فعن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ نَحَرَ قَبْلَ الصَّلاَةِ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسْكِ فِي شَيْءٍ». رواه البخاري ومسلم، ويستمر وقتها إلى آخر أيام التشريق مع غروب شمسه؛ فعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: «كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ». رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني.
وتجزئ الشاة في الأضحية عن الواحد وأهل بيته؛ ففي حديث أبي أيوب رضي الله عنه: كان الرجل في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضحِّي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون. رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
ويجوز الاشتراك في الأضحية إن كانت من الإبل أو البقر؛ فتجزئ البقرة الواحدة عن سبعة من المضحين وأهلهم، وكذا البعير؛ لحديث جابر رضي الله عنه أنه قال: نحرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة. رواه مسلم.
وعلى من يذبح أن يذكر الله تعالى عند الذبح، فيقول: بسم الله –وجوبًا- وله أن يقول: بسم الله والله أكبر.
ويسن للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويهدي للأقارب والجيران والأصدقاء، ويتصدق على الفقراء، لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)، وقال سبحانه: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ)؛ فيأكل المسلم من أضحيته، ويهدي من لأقاربه وجيرانه، ويتصدق على الفقراء والمحتاجين.
وإذا قام الجزار بذبح الأضحية فليس له أن يأخذ منها شيئًا، ولا يعطيه صاحب الأضحية منها شيئًا، لا من جلدها ولا من غيره، ولكن يعطيه أجرته من غير الأضحية؛ فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا». متفق عليه, وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّةٍ فَلَا أُضْحِيَّةَ لَهُ». أخرجه البيهقي في سننه وحسنه الألباني.
وإذا دخلت العشر من ذي الحجة وأراد المسلم أن يضحي فلا يأخذ شيئًا من شعره أو أظفاره أو بشرته، حتى يضحِّي، فَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَأَرَادَ بَعْضُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا وَلَا يَقْلِمَنَّ ظُفْرًا»، وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ». رَوَاهُ مُسلم، وهذا في حق صاحب الأضحية، وإن لم يذبح بنفسه.
وهناك آداب للذبح ينبغي للذابح التقيد بها، ومنها:
أن يحسن الذابح إلى الأضحية، فيحد شفرته ولا يذبح بآلة كالّة، ويواريها من الأضحية، وأن يُضجع الأضحية -إلا الإبل- على جنبها الأيسر، ويترك رجلها اليمنى تتحرك بعد الذبح؛ لتستريح بتحريكها؛ لحديث شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». رَوَاهُ مُسلم، ولحديث أَبِي الْخَيْرِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَضْجَعَ أُضْحِيَّتَهُ لِيَذْبَحَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلِرَّجُلِ: «أَعِنِّي عَلَى ضَحِيَّتِي»، فَأَعَانَهُ. أخرجه أحمد.
أما الإبل فالسنة فيها النحر لا الذبح، فتنحر قائمة معقولة ركبتها اليسرى. والنحر: الطعن بمحدد في اللَّبة، وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر؛ لقوله تعالى: (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ)، أي: قياماً من ثلاث، ومر ابن عمر رضي الله عنهما على رجل قد أناخ بدنته؛ لينحرها، فقال: ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أخرجه البخاري ومسلم..
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر