السبت ، ٢١ جمادى الأول ، ١٤٤٦ هجري | 23 نوفمبر 2024 ميلادي
القرآن منهج حياة
وصف الخطبة : - الخطبة المقترحة لعيد الفطر المبارك لعام 1443 هـ

الخطبة المقترحة لعيد الفطر المبارك لعام 1443 هـ
عنوان الخطبة ((القرآن منهج حياة))
========
الهدف من الخطبة :  القرآن فيه سعادة البشرية ،، القرآن دستور وقوانين رب البرية ،، لا عز للأمة إلا بالقرآن ،، وتحكيمه في العباد والبلاد  ،، نجاة البشرية جمعاء في اتباع الوحي ( القرآن ،، والسنة )
=======
عناصر الموضوع
1- القرآن أمر بالتوحيد والإتباع والتزكية.
2- القرآن منهج حياة فيه قوانين الدستور والنظام
3- القرآن منهج حياة فيه الأمر بالعدل 
4- القرآن منهج حياة رسم طريق النصر 
5- القرآن وحياة الأسرة 
6- القرآن منهج حياة فيه علاقة المسلم بأمته الكبرى الإسلام
7- القرآن منهج حياة فيه كرامة الإنسان وحقوقه، وفيه إنصاف المرأة
8- القرآن دستور للأخلاق
=======
بعد الحمد والثناء والتكبير والشهادتين :
أما بعد :
عشنا مع القرآن في رمضان بالليل والنهار في الصلاة ، وفي القيام ، في التهجد والاعتكاف ، فرادا وجماعات ، فطهرت به القلوب وزكت به النفوس ، ورطِّبت به الألسن ، وتعطرت بسماعه الأذان ، وخشعت له الأرواح ، وارتفعت بترتيله المآذن ، وتصدعت به جدران المساجد .
فقرأنا القرآن في رمضان فوجدناه منهج للحياة، ودستور للأمة، وهادٍ للبشرية جمعاء، ومقيم للمجتمعات على أقوم سبيل، وأوضح طريق.
قال تعالى : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9] .
القرآن منهج حياة فيه الأمر بعبادة الله وتوحيده :
{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِ} [الزمر: 11 - 14] . وقال {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات: 56].
وقال تعالى : {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59] .
وأمر الناس جميعا بعبادته فقال : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 21] .فالله أمرنا بعبادته وأن لا نشرك به شيئا ، فالتوحيد هو حق الله على العبيد .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله  : ( يا أبا هريرة هل تدرى ما حق الله على الناس وما حق الناس على الله قلت الله ورسوله أعلم قال فإن حق الله على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به فإذا فعلوا ذلك فحقا على الله أن لا يعذبهم ) رواه أحمد والحاكم في المستدرك .
القرآن منهج حياة فيه الإتباع :
قال تعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].
وقال تعالى : {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } [النساء: 80] .
وقال تعالى : {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } [المائدة: 92].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: (  كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ) رواه البخاري .
 القرآن منهج حياة فيه الاهتمام بالنفس وتزكيتها :
فلا بد للمؤمن أن يوجه نفسه في طلب الحق وفعل الخير ومجاهدة الباطل والشر ، وأن يزكى نفسه قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } [الشمس: 7 - 10] . والتزكية تكون بالتوحيد والإتباع والعمل الصالح بجميع أنواعه، الموافقة للكتاب والسنة .
 القرآن منهج حياة  فيه الأمر بالصلاة :
قال تعالى : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } [البقرة: 238].
وقال : { إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } [النساء: 103] .
وعن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ : ( الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه .
فكما أنه أمر بالصلاة  أمر بالصيام والحج والزكاة.
القرآن منهج حياة فيه قوانين الدستور والنظام:
شريعة الله إلى أهل الأرض قضى إلا يتحاكموا إلاّ إليها ، وأن لا يؤمنوا إلا بما وافقه ، وأن يعرضوا عن زبالات أذهان الناس من الشرق أو الغرب ، إن الحاكمية لله وحده ، فهو الحكم العدل قال تعالى : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [المائدة: 50] .
وقال : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 60]  .
إلى أن قال : {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمً} [النساء: 65].
فلا بد من التحاكم إلى الرسول ، والرضا بحكم الرسول ، والتسليم لحكم الله والرسول  حتى يتحقق الإيمان ، فلا نتحاكم إلى القوانين الوضعية ولا إلى المجالس العرفية ، فالذي خلقنا هو أعلم بما ينفعنا وما يضرنا وما يصلحنا ، وما يفسدنا فَسن لنا القوانين والأحكام التي تصلح لنا أمر ديننا ودنيانا .
القرآن منهج حياة فيه الأمر بالعدل في جميع الأحوال، وبالنسبة لجميع الناس حتى الكفار:
قال تعالى -: { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}[الأنعام: 152]، وقال سبحانه -: { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، وقال سبحانه -: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 90]، وقوله تعالى -: { وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ} [الشورى: 15] . فالعدل أساس الملك ، العدل في الرعية ، والقسمة بين الناس بالسوية . 
القرآن منهج حياة فيه أن عاقبة الظالم وخيمة في الدنيا والآخرة :
{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ(42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } [إبراهيم: 42 - 43]
{ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } [الأنعام: 93].
فالظلم ظلمات يوم القيامة ، فالظلم لا يقيم دولة، فدولة الظلم قيامها ساعة، ودولة العدل إلى قيام الساعة .
نهمس في أذان الجميع ونقول اتقوا الله فإن عواقب الظلم وخيمة في الدنيا والآخرة ، قال تعالى : {قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: 135]، { وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران: 57]، {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 86].
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: عن النبي  قال: ( الظلم ظلمات يوم القيامة ) رواه البخاري ومسلم . 
عَنْ أَبِى ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ  فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ « يَا عِبَادِى إِنِّى حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلاَ تَظَالَمُوا » رواه مسلم .
القرآن منهج حياة فيه النصر قريب، ولنا أمل :
قال تعالى : {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } [البقرة: 214] .
قال تعالى : {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ } [آل عمران: 126].
قال تعالى : {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [آل عمران: 160].
وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: 7] .
قال تعالى : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55] .
عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  « إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِىَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِىَ لِى مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ » . رواه مسلم .
فالإسلام قادم قادم ، والقرآن حاكم حاكم . قال تعالى : {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [الروم: 6] . ولنا أمل .
القرآن منهج حياة فيه الأمر بالحجاب للمسلمات :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 59]، { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31].
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  « صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ». رواه مسلم .
الحجاب عفة وطهارة ونقاء ، وحر الدنيا أهون من جهنم يوم القيامة .
القرآن منهج حياة فيه تحريم الربا :
قال الله تعالى : { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)} إلى أن قال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ } [البقرة: 275 - 279]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران: 130] .
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ  آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ) رواه مسلم .
القرآن منهج حياة فيه أن الحياة الدنيا متاع الغرور:
قال تعالى : {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14]
فلا تغتر بالدنيا  واتخذها مزرعة للحياة الأخرى ، واستمتع بطيّبَاتها دون أن تجعلها لك غاية ، فالدنيا مزرعة الآخرة ، ما تزرعه اليوم غدا تحصده، فخذ من الدنيا ما تستعين به على الآخرة، وتمتع بزينتها بما أحل الله لك قال تعالى : {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [الأعراف: 32]، وقال تعالى : {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } [القصص: 77] .
عن أبي هريرة يقول : سمعت رسول الله  يقول : ( ألا الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم ) رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه .
القرآن منهج حياة فيه أن الرَّزَّاقُ هو الله :
قال تعالى :  {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: 22، 23] .
وقال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } [الذاريات: 56 - 58] .
فلا تخشوا الفقر ، فالله هو الرزاق ذو القوة المتين .
قال رسول الله  : ( وإن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإن الله لا يدرك ما عنده إلا بطاعته ) رواه البزار في مسنده .
القرآن منهج حياة فيه علاقة المسلم بأسرته :
بحسن العشرة والقيام بحق القوامة، والرحمة وحسن المعاملة وحسن تربيتها وإيقافها على حقوقها والواجبات التي عليها قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم: 21]
قال تعالى : {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة: 228].
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] ، 
القرآن منهج حياة فيه الحث على بر الوالدين :
قال تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [الإسراء: 23، 24].
وقال : {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [النساء: 36].
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ  أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ « الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ « بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ قَالَ « الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » رواه البخاري ومسلم .
القرآن منهج حياة فيه حق الأبناء على الآباء :
قال تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31] ، {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا } [الفرقان: 74] .
وقرأنا فيه منهج  التعامل مع الأعمام والعمات والأخوال والخالات ، من أولى القربة والأرحام ، قال تعالى : {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [الأنفال: 75] .
القرآن منهج حياة فيه حقوق المسلمين :
اسمع إلى الحقوق العشرة قال تعالى : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا } [النساء: 36] ، فأعط كل ذي حقِ حقه .
القرآن منهج حياة فيه علاقة المسلم بأمته الكبرى الإسلام :
أن ينصح لها ويعد نفسه جزءا منها ، يعطيها ويأخذ منها ، ويغار عليها ويزود عنها داعيا للخير أمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، مجاهداً في سبيل الله كما قال تعالى : {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران: 104] قال تعالى : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71] .
 وللأمة كلها حق عليه، خصوصاً الضعفاء من فئاتها المختلفة ، مثل اليتامى والمساكين وابن السبيل كما قال تعالى : {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].
وعلى المسلم أن يكون ولاؤه لأمته ، المنبثق من ولائه لله تعالى ولرسوله، وأن يعادى من يعاديها كما قال تعالى : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }[المائدة: 55] .
فإن الولاء يكون لله ورسوله وللمؤمنين ، فلا يكون الولاء من أجل الطين ولا من أجل الوطن ولا الجنس ولا القبيلة ولا العائلة ، إنما يكون الولاء والبراء لله ولرسوله وللمؤمنين . 
القرآن منهج حياة فيه علاقة المسلم بغير المسلمين من الكافرين :
فقد بينتها آياتان من كتاب الله هما بمثابة الدستور في تحديد العلاقات بين المسلمين وغيرهم قال تعالى : {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (
إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8، 9]
فالمُسالمِين من الكافرين : القسط ، وهو العدل الذي يحبه الله تعالى ويحب أهله، والبر وهو الإحسان وهو أمر فوق العدل . 
وأما غير المسالمين ممن قاتلوا المسلمين في دينهم وأخرجوهم من ديارهم فلهم ما يستحقونه من مناصبة العداء ورفض الولاء: قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23] وفيهم قال تعالى : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } [البقرة: 190]. 
القرآن منهج حياة فيه قضية الولاء والبراء بيننا وبين أعداء الله :
إن هذه القضية في هذا الزمان قد مُيّعت وضاعت وأصبحنا نوالي اليهود والنصارى وأعداء الدين وننصرهم على المسلمين وإنّا لله وإنّا إليه راجعون .
فالقرآن منهج حياة في هذه القضية، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } [الممتحنة: 1].
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة: 51] .
قال تعالى : {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22] .
فلا إخوة بين من يقول لا إله إلا الله ، وبين من يقول المسيح ابن الله ، ومن يقول عزير بن الله وبين من يقول الله ثالث ثلاثة ، لا يستوون .
فلا إخوة إلا إخوة الإيمان : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] . 
ونهانا أن نتخذ منهم بطانة وأعوان ، وأن نأمنهم على اقتصاد البلاد والعباد قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [آل عمران: 118] .
فلا إخوة طين ولا وطن ولا تراب ولا جنس ولا إخوة إنسانية ، إنما هي إخوة الإسلام والإيمان فقط لا غير ، فأفيقوا أيها المسلمون من غفلتكم وأعرف من تحب ومن تبغض ومن تعادي ومن توالي .
القرآن منهج حياة فيه كرامة الإنسان وحقوقه :
القرآن أكد أن الإنسان مخلوق كريم على الله تعالى، حيث خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وجعله خليفة في الأرض، واستخلف أبنائه من بعده، وهي منزلة تطلّعت لها الملائكة، فلم تُمنح إلاّ له، حكمة من الله القائل : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] .
والقائل أيضا : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا } [الإسراء: 70].
إن ما تتغنّى به الإنسانية اليوم، وتطلق عليه ( حقوق الإنسان ) قد اعتمده القرآن وقرّر ما هو أشمل منه وأعدل منذ ( أكثر من أربعة عشر قرناً ) .
 فقرر القرآن حق كلّ إنسان في الحياة ، ما لم يرتكب جرما موجبا إباحة دمه شرعاً قال تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [الأنعام: 151].
  وحق الإنسان في احترام مسكنة الخاص، وعدم دخوله إلاّ بإذنه قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } [النور: 27- 28] .  
 وحق الإنسان في صيانة عرضه وكرامته ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [الحجرات: 11] .
 وحق الإنسان في كفاية العيش إن كان فقيراً أو عاجزاً ، في أموال الأغنياء فقرره بقوله: { وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ } [المعارج: 24، 25] ، { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة: 103] .
 وحق الإنسان في إنكار المنكر ورفض الفساد ومقاومة الظلم البين والكفر البواح فقرره بقوله : {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } [هود: 113] ، وغيرها من الحقوق الكثير والكثير ، لا تسع هذه العجالة لذكرها .
القرآن منهج حياة فيه إنصاف المرأة :
ومن أهم ما جاء به القرآن : إنصاف المرأة ، وتحريرها من ظلم الجاهلية لها، فقد كانت النساء قبل الإسلام مظلومات ممتهنات مستبعدات عند جميع الأمم، وفي شرائعها وقوانينها حتى عند اليهود والنصارى ، إلى أن جاء الإسلام ، ونزل القرآن ، فأعطى الله النساء جميع الحقوق التي أعطاها للرجل ، إلاّ ما يقتضيه اختلاف طبيعة المرأة ووظائفها النَّسوية من أحكام ، مع مراعاة تكريمها والرحمة بها ، والعطف عليها .
1 ) التّأكيد على حقها في الحياة مثل الرجل قال  تعالى : {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل: 58، 59] . 
2 ) أثبت لها حق التملك، والتمتع بما كسبت من الحلال ، مثل الرّجل قال تعالى : {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32} [النساء: 32] .
3 ) أثبت لها ثواب الأعمال مثل الرّجل قال تعالى : {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 195] .
4 ) ضمن لها حقها في الإرث مثل الرجل قال تعالى : {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7].
5 ) حررها من تحكم الزوج في مصيرها بغير حق قال تعالى : {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا } [البقرة: 231] .
6 ) حرم على الرّجال أخذ مالها بغير حقّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء: 19] ٍ، وفي قوله تعالى : {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } [النساء: 20] .
 وغيرها الكثير من الحقوق التي لا يسع الوقت لذكرها .
القرآن منهج حياة فيه المنهج الأخلاقي : 
دعوة القرآن إلى مكارم الأخلاق ومعاليها، ووجوب التحلِّي بها، ونعيه على المخالفين للفضائل وأصولها، وما ذلك إلا لكون الأخلاق ميزان شرعي يهذِّب الإنسان، ويرقى به إلى مدارج الإنسانيَّة الفاضلة.
لا يُعتبر الإنسان إنساناً إلاّ بأخلاقه، وإلاّ سوف يصبح حيواناً ضارياً كاسراً، يحطّم ويكتسح كلّ شيء، وخصوصاً وهو يتمتّع بالذّكاء الخارق، فيثير الحروب الطّاحنة، لغرض الوصول لأهدافه الماديّة غير المشروعة،
وجماع الأخلاق والفضائل في الدعوة القرآنيَّة إليها يأتي في جملة آيات منها:
قوله - تعالى - في وصف المجتمع الإسلامي بالآداب الفاضلة:  { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } [الحجرات: 11 – 12].
قال تعالى :{ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } [الفرقان: 63].
الكذب رذيلة لا ينال صاحبها هداية الله، ويثمر النفاق في القلب؛ ولهذا نهى الإسلام عنه وحذَّر منه:
قال - سبحانه -: { إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28]، وقال - تعالى -: { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77].
فالسب والفحش من القول، وسوء الأخلاق والبذاءة وقلة الحياء والأدب، لن تقيم دولة أبدا ، ولن تأتي بحق مسلوب أبداً.فكما أن الظلم لن يقيم دولة، فسوء الخلق لن ينصر جماعة، ولن يبقي جماعة على الساحة .
وصدق من قال :   
وإنما الاُمم الأخلاق ما بَقيتْ *** فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذَهبوا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .
تنبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهات
1 ) الرجاء من كل أخ خطيب أن يضيف التعليقات وشرح الآيات على الفقرات السابقة بما يفتح الله تبارك وتعالى عليه ، ولا يكتفي بالمكتوب هنا فقط . 
2 ) استعن بالله واخطب ما تيسر لك من هذه الخطبة .
3 ) إذا أردت أن تضيف شيء عليها فأضف ما تشاء، مراعيا المكان الذي أنت فيه، وما يناسبهم من المقال ، وخاطبوا الناس على قدر عقولهم .
4 ) الرجاء من كل خطيب حفظ الآيات الواردة في الخطبة حفظا جيدا ، ويتقن قراءتها في الخطبة بأحكام التجويد .
5 ) الرجاء من جميع من تقع تحت يده الخطبة أن يقوم بتوصيلها لخطباء العيد حتى خطباء وزارة الأوقاف ولك الأجر إن شاء الله تعالى، فالدال على الخير كفاعله .
6 ) لا موفق للخيرات إلاّ من وفقه الله فاستعن بالله وتوكل عليه وألح عليه في الدعاء أن يرزقك الإخلاص والتوفيق والسداد في إلقاء هذه الخطبة، واستمطر منه الرحمة والعون.
7 ) لا تنس مقدمة الحمد والثناء في البداية والتكبير أحيانا بين الفقرات والله الموفق والهادي لسواء السبيل .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر