الخميس ، ١٠ جمادى الآخر ، ١٤٤٦ هجري | 12 ديسمبر 2024 ميلادي
رمضان والأسرة المسلمة
وصف الخطبة : - بيان أهمية العناية بالأسرة في رمضان، وكيفية اغتنام الأسرة المسلمة لهذا الشهر.

عنوان الخطبة ((رمضان والأسرة المسلمة))
الهدف من الخطبة بيان أهمية العناية بالأسرة في رمضان، وكيفية اغتنام الأسرة المسلمة لهذا الشهر.
عناصر الموضوع
1- ما أجمل رمضان مع الأسرة!   
2-  أحكام تهم الأسرة المسلمة في رمضان.   
رمضان والأسرة المسلمة
مقدمة الموضوع: أما بعد، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
قَالَ سَلْمَانُ الفارسي لأبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنهم: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ سَلْمَانُ». رواه البخاري، وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «أَلا كلُّكُمْ راعٍ وكلُّكُمْ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وولدِهِ وَهِي مسؤولةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مسؤولٌ عَنهُ، أَلا فكلُّكُمْ راعٍ وكلكُمْ مسؤولٌ عَن رعيتِه». متفق عليه، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ". رَوَاهُ مُسلم.
ما أجمل رمضان مع الأسرة
إن من نعم الله تعالى على المسلم أن يبلغه رمضان، وأن يعينه على صيامه، وأن يوفقه للأعمال الصالحة في أيامه ولياليه، ولا يخفى ما للصيام ولرمضان من الفضل والأجر؛ فعلى المسلم أن يغتنم هذا شهر المبارك أفضل اغتنام، وأن يكثر فيه من الطاعات، وأن يؤدي حقوق أهله وأسرته، فيحرص على أن يغتنموا هذا الشهر المبارك في الطاعات أيضًا؛ فإنَّ من أولى الناس ببر الرجل ومعروفه وإحسانه: أهله وأسرته، ولا يَحْسُن بالعبد أن يطيعَ ربه في رمضان ولا يبالي بأهله فيهمل جانبهم، فلا يعرف من صام ممن أفطر ولا من صلى ممن ترك، بل لابد من صناعة حالة من التعاون على البر والتقوى بين أفراد الأسرة لاسيما في شهر رمضان؛ فما أجمل الصيام مع الأهل والأسرة! وما أطيب رمضان معهم!
إن للأسرة المسلمة أهمية عظيمة في الإسلام، فهي اللبنة الأساسية لقيام المجتمع المسلم، وهي المسئولة عن تنشئة الأجيال وتربيتهم، والأسرة مسئولية وأمانة في أعناق الوالدين؛ فلابد في هذا الشهر المبارك أن يكون للأسرة حظ وافر من عناية الأب والأم، ولابد أن يكون للأسرة دور مهم في اغتنام هذا الشهر، ومن السبل المقترحة لاغتنام الأسرة لشهر رمضان ما يلي:
1- حسن استقبال هذا الشهر: فإن الأسر المسلمة تختلف في استقبالها لشهر رمضان؛ فمنهم من يستقبله ماديًا ومنهم من يستقبله إيمانيًا، فالأول: رمضان بالنسبة له موسم للطعام والشراب والسهر والإسراف، والآخر: رمضان بالنسبة له موسم للطاعات والعبادات والتوبة من السيئات والإقلاع عن سيء العادات.
2- تصحيح المسار، وضبط العادات والسلوكيات في رمضان: فإن العبد يعتاد أمورًا منها الصحيح ومنها الخاطيء، وقد لا يستطيع الإقلاع عن العادات السيئة في غير رمضان لملازمته إياها وعدم انفكاكه عنها طوال الوقت، ولأن رمضان تتغير فيه حياة الإنسان حيث المناخ التعبدي والأجواء الإيمانية، فهو فرصة لتغيير السلوكيات الخاطئة، والإقلاع عن العادات السيئة، وهدم كيان المنكرات المعتادة، كالنوم عن صلاة الفجر، والتدخين، والانشغال بالدنيا.
نريد أن نسأل سؤالاً: ما هو انطباع الأسرة عن رمضان؟ وما هي الصورة المترسخة في أذهان الأسرة عن رمضان؟ 
إن من السلوكيات الخاطئة عند بعض الأسر اعتبار شهر رمضان زمانًا للكسل، أو مطبخًا للطعام والشراب، أو مضجعًا للنوم، أو ناديًا للسهر واللهو واللعب، أو مناخًا للغضب والتأفف والضجر، أو مكانًا للعذاب بالصبر والجوع والعطش، ثم تترسخ هذه المعاني عند الأسرة فلا يستمتعون برمضان، وربما صنعوا أعداءً لرمضان بسوء فهمهم لهذا الشهر المبارك والصيام فيه، ورمضان ليس كذلك بل هو رحمة من الله تعالى لعباده ليتزودوا من الخير فيه، ويسعوا لتحقيق غايته، وهي تقوى الله تعالى، والفوز برضوانه.
نريد أن يترسخ عند الأسرة أن شهر رمضان هو شهر لرضا الرحمن، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، والتوبة، ورفعة الدرجات، وتكفير السيئات، والصلاة والصيام والقيام وقراءة القرآن.
3- المحافظة على الصلوات المكتوبة في وقتها، والمواظبة على صلاة النوافل كالسنن الرواتب والضحى وقيام الليل والوتر.
4- اجتماع الأسرة على السحور والإفطار، ومن السنة تأخير السحور وتعجيل الفطر.
5- صوم الأسرة، وتدريب الصغار على الصوم ولو لمدة قصيرة، ويبدأ تدريبهم وهم أبناء سبع سنين قياسًا على الصلاة؛ فَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِين، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وحسنه الألباني، وعَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا، فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا، فَليَصُمْ»، قَالَتْ: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ. متفق عليه.
6- اجتناب الأسرة لما يؤثر في ثواب الصوم، كالغيبة والنميمة والكذب والسب والمعاصي، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابه». رَوَاهُ البُخَارِيّ، وعَنْه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ، وَرُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إِلَّا السَّهَرُ». أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني.
7- قراءة القرآن وتدبره، فيمكن للأسرة أن تقوم بعمل مقرأة لتدارس القرآن الكريم، فرمضان شهر القرآن، وكان جبريل عليه السلام يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن فيه.
8- المحافظة على الأذكار الموظفة، كأذكار الصباح والمساء، وأدبار الصلوات، والاستيقاظ والنوم.
9- اعتياد الدعاء حال الصيام، وعند الإفطار، وفي الصلاة، ووقت السَّحَر.
10- التصدق وتفقد الجيران والمحتاجين، ويمكن عمل شنط غذائية بالحاجات الأساسية، وتوزيعها على المستحقين، فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَان، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرّيح الْمُرْسلَة. متفق عليه.
11- عمل جلسة أسرية يوميًا، لقراءة قصص القرآن أو الأنبياء أو الصحابة والسلف الصالح. 
12- تعليم الأسرة الأخلاق الحسنة والآداب الفاضلة والأحكام النافعة، وكيفية اغتنام رمضان، وبيان حكم الصيام وحرمة الفطر في رمضان بغير عذر، وبيان أحكام الصوم وآدابه، والتعريف بفضائل الصيام وشهر رمضان، وبيان فضل ليلة القدر والاعتكاف وقراءة القرآن ونحو ذلك من المعاني.
13- تصحيح مفهوم القدوة في رمضان: مع انتشار القدوات الفاسدة، وعموم البلوى بأتباعهم، لابد للوالدين أن يغتنموا شهر رمضان في تصحيح مفهوم القدوة، وما يجوز تقليده من القدوات الصالحة وما لا يجوز من غيرها، وهذا يتطلب من الوالدين أن يأسرا الأبناء أسرًا من صفوف الشياطين وجنودهم، وعليهما أن يبدءا بأنفسهما أولاً، فيكونا قدوة لأولادهم في صلاتِهِما وصيامِهِما وصلاحِهِما وحِلْمِهِما ولِينِهِما ورِفْقِهِما وتَغَافُلِهِما أحيانًا، وأن يحاولا قدر الإمكان جعل رمضان زمانًا لتلبية احتياجات الأبناء، والتغاضي عن المشكلات؛ إننا نريد من الوالدين أن يكونا قدوة مثالية للأولاد، بحيث يفتخرون بهم ويقلدونهم، نحتاج إلى اغتنام رمضان والمواسم عمومًا لبناء النماذج الصالحة المصلحة المؤثرة، وتنويع الأساليب النافعة لذلك.
14- إدخال السرور على الأسرة، ونشر روح الألفة والمحبة والمودة، وصناعة بيئة جذابة تغرس في الأسرة حنينًا لكل رمضان، كما يمكن عمل مسابقات بين أفراد الأسرة، وتبادل أطراف الحديث النافع، وتخصيص هدايا ونحو ذلك.
نريد أن يكون البيت بيئة حاضنة لجميع أفراد الأسرة، ومأوى يلجأون إليه من زحام الحياة وهمومها.
15- غرس روح الجماعة والتعاون بين أفراد الأسرة، فالأولاد يساعدون الأمهات في أعمال البيت، ومهام الأسرة.
16- تنمية العلاقات بين الأرحام، بصلة الرحم، وإصلاح ذات البين، ودعوتهم على الإفطار، ونصحهم، والإهداء إليهم.
17- اعتياد أعمال البر والخير والإحسان، ومن ذلك: تدريب الأولاد على تعبئة التمر وتوزيعه على الصائمين قبيل المغرب، وتوزيع الأذكار على المصلين بعد الفجر والعصر، وتوزيع المصاحف على من يرغب في القراءة، ونحو ذلك من العادات الحسنة.
18- الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مثل دعوة الأقارب والأصدقاء والجيران إلى الصلاة والقيام وقراءة القرآن والصدقة ونحو ذلك.
19- الحذر الشديد من تضييع الأوقات وإهدارها وفوات رمضان في هموم المعيشة من الطعام والشراب ونحوه؛ فلا ينشغل الأب بحاجات البيت، واحتياجات العيد، ونحو ذلك دون أن يأخذ حظه من العبادة، وكذا الأم لا تنشغل في تلبية احتياجات الأسرة من أمور الطبخ والتنظيف ونحوها دون أن تأخذ نصيبها من العبادة؛ بل تقوم الأسرة بتنظيم وقتها، وتنفيذ برنامجها دون تعارض المصالح.
20- الحذر الشديد من لصوص رمضان: كمواقع التواصل، والهاتف والاتصالات، والتلفاز، والسهرات عديمة الفائدة، وكذا الأسواق والعروض والتخفيضات والمغريات، فلا ينشغل العبد في رمضان إلا بالطاعة ولا يشتري إلا لما يحتاج إليه.
أحكام تهم الأسرة المسلمة في رمضان
إن شهر رمضان شهر مبارك ينتظره المسلمون المحبون بفارغ الصبر، ويعدون أيامه ولياليه عدًا، ولابد للأسرة المسلمة مع هذا الشهر أن تتعلم أحكامه وفقهه وآدابه، وما يجب فيه وما يحرم حتى يكون صومنا صحيحًا متقبلاً.
إن شهر رمضان يشتمل على فضائل عظيمة، ومن عرف فضائله ينبغي أن يسعى لتحصيل تلك الفضائل، فيتعلم أحكام الصيام؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه؛ فمن أراد تحصيل هذا الأجر العظيم، ينبغي أن يعرف كيف يصوم إيمانًا واحتسابًا؟ وكيف يقوم إيمانًا واحتسابًا؟ وكيف يقوم ليلة القدر إيمانًا واحسابًا؟ ثم هو يعلم أسرته ما تحتاج إليه من الأحكام، ومن الأحكام التي تهم الأسرة المسلمة ما يلي:
1- النية ركن من أركان الصيام؛ فيجب على المسلم أن ينوي صوم شهر رمضان كله، ويستحب له أن يبيت النية من الليل لكل يوم من أيامه، لقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نَوَى». متفق عليه. 
2- يحرم على الحائض والنفساء الصلاة والصوم، وتقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلمَ: "أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تَصِلِّ وَلَمْ تَصُمْ قُلْنَ بَلَى قَالَ فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا". متفق عليه، ولقول عائشة رضي الله عنها: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلَا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلَاةِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
3- يجوز للمرأة الحامل والمرضع الفطر، إذا خافت على نفسها أو ولدها بسبب الصوم، لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ شَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الْمُسَافِرِ وَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ». أخرجه الخمسة وصححه الألباني، وتقضي الحامل والمرضع مكان الأيام التي أفطرتاها.
4- لا يجوز مس المصحف ببشرته بلا حائل بغير طهارة من الحدث الأكبر والأصغر: لقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}، ولحديث: «أَن لَا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ». أخرجه الطبراني وَالدَّارَقُطْنِيُّ والحاكم وصححه الألباني، ويجوز أن يقرأ من حفظه دون أن يتطهر من الحدث الأصغر، أو يقرأ من المصحف بدون أن يمسه أو يقرأ من الهاتف كذلك.
ولا مانع من مس ما اشتمل على آيات من القرآن، كالرسائل وكتب التفسير والفقه وغيرها، فإن هذه لا تسمى مصحفًا، ولا تثبت لها حرمته.
5- يجوز للرجل أن يوقظ أهله، ويقيما الليل معًا: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ. رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاء». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وحسنه الألباني.
6- يجوز تذوق الطعام عند الحاجة لذلك دون ابتلاع شيء منه.
7- يجوز للزوج حال الصيام التقبيل والمباشرة والمعانقة واللمس وتكرار النظر، إن كان يملك نفسه، فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأربه. متفق عليه. لأربه أي لشهوته. أما حديث: "يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي". متفق عليه، فالمقصود به الجماع، ولكن إن كان الشخص سريع الشهوة لا يملك نفسه فلا يجوز له ذلك؛ لأنه يؤدي إلى إفساد صومه، وكل ما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم.
8- يجوز للزوج الجماع في ليالي رمضان، وتستمر الإباحة إلى وقت دخول الفجر، فإن طلع الفجر حَرُم الجماع، قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، والآية نص على إباحة الأكل والشرب والجماع في ليالي رمضان إلى الفجر، ويجب بعد الجماع الاغتسال ثم صلاة الفجر، وإذا أصبح وهو جُنُب فلا يضرّ صومه، ويجوز تأخير غسل الجنابة والحيض والنفاس إلى ما بعد طلوع الفجر وعليه المبادرة لأجل الصلاة، وإذا جامع فطلع الفجر وجب عليه أن ينزع وصومه صحيح، فإن استمر الجماع إلى ما بعد طلوع الفجر أفطر، وعليه التوبة، والقضاء، والكفارة المغلّظة.
9- من وجب عليه الصيام فجامع في نهار رمضان عامدًا مختارًا عالمًا بالتحريم، فقد أفسد صومه أنزل أو لم يُنزل، وعليه التوبة، وإتمام ذلك اليوم، والقضاء، والكفارة المغلظة، فَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أنه قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَلَكت. قَالَ: «مَالك؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «هَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «اجْلِسْ»، وَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، فَبينا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ -وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ الضَّخْمُ- قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» قَالَ: أَنَا. قَالَ: «خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا -يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ- أَهْلُ بَيْتِ أَفْقَرُ من أَهْلِ بَيْتِي. فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أهلك». متفق عليه، ومن تكرر منه الجماع في أيام من نهار رمضان، فعليه كفارات بعدد الأيام التي جامع فيها، مع قضاء تلك الأيام، ولا يُعذر بجهله بوجوب الكفّارة.
ومن أراد جماع زوجته فأفطر بالأكل أو الشرب أولاً، فمعصيته أشدّ وقد هتك حرمة الشهر مرتين، بأكله وجماعه، والكفارة المغلظة عليه أوكد وحيلته وبالٌ عليه وتجب عليه التوبة النصوح. 
10- إذا نام الصائم فاحتلم فإنه لا يفسد صومه بل يتمّه، وتأخير الغسل لا يضرّ الصيام ولكن عليه أن يبادر به لأجل الصلاة.
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر