عنوان الخطبة ((أعظم شعائر الإسلام))
الهدف من الخطبة بيان ترغيب ترهيب تذكير. بيان مكانة الصلاة وأهميتها، والحث على المحافظة عليها، بالترغيب في إقامتها، والترهيب من تركها.
عناصر الموضوع
1- الصلاة خير موضوع.
2- حكم ترك الصلاة
أعظم شعائر الإسلام
مقدمة الموضوع : أما بعد، قال الله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ}.
الصلاة خير موضوع
إن شأن الصلاة عظيم، ومن عظيم خطبها أن كثيرًا من الأدلة وردت عنها، إما بالأمر بها، أو بالحث عليها، وإما ببيان أحكامها وصفتها وأهميتها، وإما بالزجر عن تركها، أو الترهيب من تركها، أو بيان عقاب من تركها، أو إثم من يتهاون في أمرها، وإما بالترغيب فيها، وذكر فضائلها وعظيم أجرها، ووصف حال المحافظين عليها، ومن جملة ذلك ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
أولاً: الصلاة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، وإقامتها فرض عين واجب، وهي من المعلوم من الدين بالضرورة، الذي يكفر منكره إجماعًا، قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}، في آيات كثيرة من كتاب الله تعالى، وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رضي الله عنه أنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرُ الرَّأْسِ نَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِهِ وَلَا نَفَقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ». فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ فَقَالَ: "لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ". الحديث متفق عليه، وأجمع المسلمون على وجوبها وفرضيتها، قال ابن القطان: واتفقوا أن الصلوات الخمس فرائض. انتهى من الإقناع في مسائل الإجماع.
ثانيًا: لعظيم فضلها:
جاءت الأدلة من الكتاب والسنة تبين عظيم فضل الصلاة وأجرها، ومن ذلك وردت أدلة توضح فضائل الصلاة إجمالاً، ووردت أدلة أخرى توضح فضائل بعض الصلوات على وجه الخصوص، ومن جملة ذلك ما يلي:
- من فضائل الصلاة إجمالاً:
1- الصلاة هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين؛ فهي الركن الثاني من أركان الدين، وهي أول واجباته العملية، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفق عليه.
2- الصلاة هي عمود الإسلام: فعَن معَاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قَالَ: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ»، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ؟! الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ، وَصَلَاةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ»، ثُمَّ قَرَأَ: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، حَتَّى بَلَغَ، {يَعْمَلُونَ}. ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟» فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ، وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ» ثُمَّ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» فَقُلْتُ لَهُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ. فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، فَقَالَ: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟! فَقَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ، إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه وصححه الألباني.
3- من عظيم شأن الصلاة أنها فرضت من فوق سبع سموات في ليلة المعراج.
4- أمر الله تعالى بالمحافظة على الصلاة: قال الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}.
5- كانت راحة النبي صلى الله عليه وسلمَ في الصلاة: فَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ أنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي صَلَّيْتُ فَاسْتَرَحْتُ، فَكَأَنَّهُمْ عَابُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَا بِلَالُ أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا». رواه أبو داود وصححه الألباني، وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وحسنه الألباني.
6- الصلاة هي آخر وصايا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: كَانَ آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ». رواه أبو داود وصححه الألباني.
7- الصلاة هي أحب الأعمال إلى الله تعالى: فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَي الْأَعْمَال أحب إِلَى الله؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا». قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ استزدته لزادني. متفق عليه.
8- وقد شرع الله تعالى للصلاة أحكامًا كثيرة جدًا، فتصلى فرضًا ونفلاً، وحضرًا وسفرًا، وأمنًا وخوفًا، وتامة وقصرًا، وإفرادًا وجمعًا، وغيرها: قال تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا}، وقال سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}، وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتي أدركتْه الصَّلاةُ فليُصلِّ". مُتَّفق عَلَيْهِ.
9- الصلاة هي خير موضوع: وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِرَ». أخرجه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني.
10- الصلاة تعصم الدم والمال: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَق الْإِسْلَام وحسابهم على الله». متفق عليه.
11- الصلاة تهذب العبد وتنهاه عن ارتكاب الفواحش والمنكرات: قَالَ الله تَعَالَى: {إنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ}.
12- الصلوات مكفرات للذنوب: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لَمَّا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِر». رَوَاهُ مُسلم.
13- الصلاة من أسباب نجاة العبد يوم القيامة: فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمن لم يحافظ عَلَيْهَا لم يكن لَهُ نور وَلَا برهَان وَلَا نجاة، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُعَبِ وصححه الألباني.
14- الصلاة من أعظم أسباب المغفرة، ودخول الجنة: فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لوقتهن وَأتم ركوعهن خشوعهن كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وصححه الألباني.
15- أبواب الجنة ثمانية منها باب لأهل الصلاة: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَاب الْجنَّة وللجنة أَبْوَابٌ؛ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَاد دعِي من بَاب الْجِهَاد، وَمن كَانَ مَنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ». متفق عليه.
16- ومن أهمية الصلاة أمرنا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتعليمها لأبنائنا وقبل سن البلوغ: وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ سِنِين وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وحسنه الألباني.
- ومن فضائل بعض الصلوات على وجه الخصوص:
1- مما جاء في صلاة الفجر والعصر: فَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا»، يَعْنِي الْفَجْرَ وَالْعصر. رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «من صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ». متفق عليه.
2- مما ورد في العشاء والفجر: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأتوهما وَلَو حبوا». متفق عليه.
والصلاة عمومًا باب عظيم من أبواب الخير والحسنات ابتداءً من التهيؤ والاستعداد لها بالطهارة والوضوء والذهاب إليها وحتى ما بعد الانتهاء منها، ومن ذلك:
1- فضل الوضوء: عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ». متفقٌ عَلَيْهِ، وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تَوَضَّأ فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ حَتَّى تَخْرُج مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ». رواه مسلم.
2- فضل المشي إلى المساجد وانتظار الصلاة والجلوس بعدها: عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ألاَ أَدُّلُكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قالوا: بَلَى يَا رسول الله، قَالَ: «إسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ؛ فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ؛ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ». رواه مسلم.
3- فضل الصلاة في جماعة: عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلاَةُ الْجَمَاعَة أفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفقٌ عَلَيْهِ.
هذا فضلاً عن فضائل صلوات النوافل بأنواعها.
حكم ترك الصلاة
قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حزْبَ السُّعَدَاءِ، وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْقَائِمِيْنَ بِحُدُودِ اللَّهِ وَأَوَامِرِهِ، الْمُؤَدِّينَ فَرَائِضَ اللَّهِ، التَّارِكِينَ لِزَوَاجِرِهِ -ذَكَرَ أَنَّهُ {خَلَفَ مِنْ بَعْدِهم خَلْفٌ}، أَيْ: قُرُونٌ أُخَرُ، {أَضَاعُوا الصَّلاةَ} -وَإِذَا أَضَاعُوهَا فَهُمْ لِمَا سِوَاهَا مِنَ الْوَاجِبَاتِ أَضْيَعُ؛ لِأَنَّهَا عِمَادُ الدِّينِ وَقَوَامُهُ، وَخَيْرُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ- وَأَقْبَلُوا عَلَى شَهَوَاتِ الدُّنْيَا وَمَلَاذِّهَا، وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا، فَهَؤُلَاءِ سَيَلْقَوْنَ غَيًّا، أَيْ: خَسَارًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. انتهى.
وقال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ . فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ . عَنِ الْمُجْرِمِينَ . ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ . حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ}، وقال عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ .الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ . الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ . وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ}.
قال ابن القيّم رحمه الله: لا يختلف المسلمون أنّ ترك الصّلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذّنوب وأكبر الكبائر، وأنّ إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النّفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزّنا والسّرقة وشرب الخمر، وأنّه متعرِّض لعقوبة الله وسخطه وخِزْيِّه في الدّنيا والآخرة. انتهى من الصلاة وأحكام تاركها.
هذا ولا خلاف بين العلماء المعتبرين في إطلاق لفظ الكفر على ترك الصلاة، سواء تركها جحودًا وإنكارًا أم تهاونًا وتكاسلاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وأسلمَ أطلقه، فَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ترك الصَّلَاة». رَوَاهُ مُسلم، وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وصححه الألباني، وَعَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ لَا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتَ وَحُرِّقْتَ وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَة مُتَعَمدا فَمن تَركهَا مُتَعَمدا فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّةُ وَلَا تَشْرَبِ الْخَمْرَ فَإِنَّهَا مِفْتَاحُ كل شَرّ. رَوَاهُ ابْن مَاجَه وحسنه الألباني، فمن يقول: إن ترك الصلاة ليس كفرًا، فقد أخطأ، وخالف النصوص، وإنما اختلف أهل العلم في نوع كفر ترك الصلاة، هل هو من الكفر الأكبر المخرج من الملة أم من الأصغر غير المخرج منها؟
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلَّاهُنَّ لوقتهن وَأتم ركوعهن خشوعهن كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وصححه الألباني.
عباد الله يجب على المسلم المحب لربه، والراجي لرحمته، والخائف من عذابه، أن يقيم الصلاة وأن يحافظ عليها، وألا يتركها أو يضيعها، وأن يأمر أهله بها، ويعلم أولاده إياها، ويدعو الناس إليها حتى ينجو من النار ويفوز بالجنة.
قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}، وقال سبحانه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}، وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ». رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح.
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر