بعنوان : ((مكانة المرأة في الإسلام))...
مدخل الموضوع بيان تكريم الإسلام للمرأة، وبيان حال المرأة في الجاهلية، وحالها المعاصر عند الغرب.
عناصر الخطبة:
1- المرأة بين ذل الجاهلية وتكريم الإسلام.
2- بين كمال الإسلام واستغلال الغرب.
مقدمة الموضوع: أما بعد، قال الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ}.
مكانة المرأة في الإسلام
المرأة بين ذل الجاهلية وتكريم الإسلام
كان الناس قبل الإسلام في ضلال واضح ظاهر في جميع أمورهم، ومن ذلك ضلالهم في أمر المرأة أيًا كانت درجتها ولو كانت أمًّا.
لقد شَرَّعوا لها أحكامًا تنطق بالجور والظلم والعدوان، وعاملوها كسلعة معيبة تمتهن وتباع وتشترى، وجعلوها عارًا يجب التخلص منه أو إمساكه على ذل وهوان، وللنساء أن يتصورن حال المرأة في الجاهلية ليعلمن فضل الإسلام وعدله.
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يأدون البنات خشية العار والفقر، ويعتبرون الإناث شؤم؟ قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.
هل تتصور النساء أن النكاح في الجاهلية كان فاحشة في ذاته إلا نكاحًا واحدًا؟ فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ: يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ. وَنِكَاحٌ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ، لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ «فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ». رواه البخاري.
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يتوارثون المرأة ولا يورثونها، وكانوا يتزوجون بزوجة آبائهم إذا طلقوها أو ماتوا عنها، وكانوا يجمعون بين الأختين في النكاح؟ قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا}، وقال سبحانه: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}، أي: لا تعودوا لهذا الذي كان منكم في الجاهلية فإن الله حرمه، وعفا عنكم بعد إسلامكم.أ
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يعددون بين الزوجات من غير حد معروف ينتهي إليه، وكان الطلاق والرجعة بيد الرجال لا ينتهي لحد معين؛ فيُطَلِّقُونَ ما بدا لهم دون حد للطلاق عندهم، ويُرْجِعْون المرأة متى أرادوا بلا صيانة لحقها ولا حفظ لكرامتها التي أعدموها، حتى جاء الإسلام فمحى الجاهلية وأزالها؟ قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، وقال سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، أي الطلقة الثالثة، وقال تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}، أي إذا أوشكت عدة الرجعية على الانقضاء فلكم أن ترجعوا المرأة، فإن انقضت عدتها ولم ترجعوها فلا سبيل لكم عليهن.
هل تتصور النساء أن المرأة في الجاهلية كانت إذا مات زوجها تلبس أقبح ثيابها، وتجلس في خُفْشٍ حقير من الدار، ولا تقرب ماءً ولا طِيبًا، ولا تغتسل ولا تتنظف مهما أصابها، ولا تقلم ظفرًا ولا تزيل شعرًا، ولا تمتشط، حتى تمضي عليها سنة كاملة، ثم تؤتى ببعرة فترميها إذا مر بها كلب إيذانًا بانقضاء عدتها، ثم تؤتى بدابة طير أو حمار فتزيل بها أدرانها وأوساخها وتفرك به بدنها، فقلما أوتيت بدابة إلا ماتت من نتن ريحها، حتى جاء الإسلام فطهرها ونظفها ووضع عنها العدة من سنة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام لا تتزين فيها بشيء؟ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، فَخَشُوا عَلَى عَيْنَيْهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الكُحْلِ، فَقَالَ: «لاَ تَكَحَّلْ، قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلاَسِهَا أَوْ شَرِّ بَيْتِهَا، فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعَرَةٍ، فَلاَ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ». رواه البخاري ومسلم، وعن حميد بن نافع أنه قال: قُلْتُ لِزَيْنَبَ –يعني بنت أبي سلمة-: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ المَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً، فَتَرْمِي، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ». سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ: تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا. رواه البخاري ومسلم.
هل تتصور النساء أن إهانة المرأة بلغت أن تطوف بالبيت عريانة؟ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ، فَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي تِطْوَافًا؟ تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا، وَتَقُولُ: الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ، فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}. رواه مسلم.
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يشترون الإماء لِيُعْمِلُوهُمْ في البغاء؟ قال تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
فلتتأمل النساء هذه الأحوال لتعرف فضل الإسلام وعظمته.
بين كمال الإسلام واستغلال الغرب
قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.
إن الله تعالى خلق الخلق، وهو أعلم بما خلق وأخبر به؛ فشرع للخلق ما يحصل به التوازن والانتفاع والمصالح والعدل، ومن ذلك:
1) - تحريم وأد البنات: وَعَن الْمُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنَعَ وَهَاتِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
- الأمر بعدم كره البنات: فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَكْرَهُوا الْبَنَاتِ، فَإِنَّهُنَّ الْمُؤْنِسَاتُ الْغَالِيَاتُ». رواه أحمد وصححه الألباني.
2) - جعل النساء شقائق الرجال في الأحكام والثواب: قال تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}، وقال جل وعلا: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقال عز وجل: {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
3) - الوصية بالنساء: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسْرَتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ». متفق عليه، وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي وَإِذَا مَاتَ صَاحِبُكُمْ فَدَعُوهُ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وصححه الألباني.
4) - العناية بهن أمًّا وبنتًا وأختًا وزوجةً؛ فحرم وأد البنات، وأوجب بر الأمهات، وجعل لهن نصيبًا في الميراث، ووضع أحكامًا للخطبة واختيار الزوجة، وقبولها للزوج، والحياة الزوجية، وقسم الحقوق بين الزوج والزوجة.
قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وقال سبحانه: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، وقال عز وجل: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا}.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمَّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمَّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ «أُمَّكَ». قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أَبُوكَ». وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «أُمَّكَ ثُمَّ أُمَّكَ ثُمَّ أُمَّكَ ثُمَّ أَبَاكَ ثمَّ أدناك أدناك». مُتَّفق عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمَعَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَجْلِدْ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعْهَا فِي آخِرِ الْيَوْمِ» وَفِي رِوَايَةٍ: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا فِي آخِرِ يَوْمِهِ». متفق عليه.
5) - وشرع لهن تشريعات وأحكام خاصة بأمورهن كما في الطهارة والستر والحياء واللباس والزينة وغيرها: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، وقال سبحانه: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}، وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِلْإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وصححه الألباني.
6) - تحريم ما يؤذي المرأة ويهدد عفافها، من التبرج والسفور والاختلاط المحرم ونحو ذلك.
7) - ووعدها بالجزاء الحسن إذا أحسنت: فَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا فَلْتَدْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ». رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية وصححه الألباني.
وغير ذلك من أمور تكريم المرأة في الإسلام وهي كثيرة؛ فقد جاءت الشريعة بما يراعي طبيعة المرأة وخلقتها وعاطفتها وأنوثتها.
أما الغرب فإنهم لم يراعوا شيئًا من ذلك فجعلوا المرأة كالرجل، وسولوا سبلاً وحيلاً وقوانين تسهل الوصول إلى المرأة للنيل منها، ولإشباع رغباتهم وشهواتهم الحيوانية؛ فجعلوها تعمل وتتعب ولم يراعوا ميول الأم والحنان والرغبة في الأسرة وتربية الأبناء، وجعلوها تمارس الفاحشة مع المجتمع بلا قيود، ولم يراعوا عفة المرأة وحياءها، وسلبوا منها حقوق الأمومة من وجوب بر الأم والإحسان إليها وطاعتها، فجعلوها تنفق على الأبناء كالرجل، ثم لا يكون لها أمر أو نهي عن أبنائها، ثم ينتهي بها الأمر إلى استكمال ما بقي من عمرها في دار المسنين، وغير ذلك من المأسي التي لا حصر لها في حياة المرأة الغربية.
فقد جاء الإسلام بتكريم المرأة حقًا، ي حين أن كل أمم الأرض تمتهن المرأة وتبخسها حقها وغاية ما تصل إليه من تقدير الاعتراف بأصلها الإنساني, والعبث بحقوقها دون مراعاة لطبيعتها وميولها، فأنى لهم تكريمها؟!
إن المتأمل في حال المرأة الغربية يجد أن مهمتها في التصور الغربي لم تغير حقيقتها، وإنما تغيرت الألفاظ والمصطلحات فقط، فبدلاً من أن تكون المرأة للشهوة واللذة بالقهر، جعلوها للشهوة واللذة والإباحية بمصطلحات براقة ومزاعم كاذبة أو لا تناسب طبيعتها ولا تصلح لمثلها.
إن المرأة كانت عند اليونان وسيلة للترفيه والمتعة، وقد عبر عن ذلك نص ديموستين حين قال: إننا نتخذ العاهرات للذة, ونتخذ الخليلات للعناية بصحة أجسامنا اليومية, ونتخذ الزوجات ليكون لنا أبناء شرعيون.
فما الفرق بين هذا الكلام القديم، وبين حياة الغرب اليوم؟!
حقًا يجب على نساء المسلمين أن يفتخرن بدينهن ويعتززن به، فلا توجد امرأة على وجه الأرض لها ما للمسلمات من حقوق.
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر