بعنوان :: ((فلا تظلموا أنفسكم))...
مدخل الموضوع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى : " يا عبادي أني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا...." رواه مسلم .
عناصر الموضوع
1- تعريف الظلم .
2- أنواع الظلم .
3- التحذير من الظلم في القرآن .
4- النهي عن الظلم في السنة .
5- أقوال السلف والعلماء في ذم الظلم .
6- لا تظلموا أنفسكم في الأشهر الحرم .
7- ثمرات العدل
فلا تظلموا أنفسكم
تعريف الظلم
الظلم هو وضع الشيء في غير محله، ومجاوزة الحق والتعدي على الآخرين في أموالهم أو أعراضهم، ومن فعل شيئاً من ذلك فقد ظلم نفسه وظلم غيره.
فإن الظلم عند أهل اللغة: وضع الشيء في غير موضعه، وقد تعددت تعاريف العلماء له، فقيل هو مجاوزة الحق، وقيل: الظلم عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل، وهو الجور، وقيل: وضع الشيء بغير محله بنقص أو زيادة أو عدول عن زمنه، وقيل: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، والتصرف في حق الغير، ومجاوزة حد الشرع، هكذا عبر عن تعريفه العلماء
أنواع الظلم
من أهل اللغة وغيرهم، والظلم ينقسم إلى عدة أقسام:
الأول: ظلم العبد فيما يتعلق بجانب الله، وهو الشرك وهذا أعظمها.
الثاني: ظلم العبد لنفسه. الثالث: ظلم العبد لإخوانه.
التحذير من الظلم في القرآن
قال الله تعالي {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 57] ، قال الله تعالي : {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [الشورى: 40] قال الله تعالي : {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [البقرة: 270] .
قال الله تعالي : {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [هود: 113] ، قال الله تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } [الروم: 29] ، قال الله تعالي : {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [البقرة: 258] .
قال الله تعالي : {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ} [يونس: 39] ، قال تعالي: { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } [الشعراء: 227] ، قال تعالي : {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل: 52] ، " قال الله تعالي: {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [الحشر: 17] .
النهي عن الظلم في السنة
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقتص الخلق بعضهم من بعض، حتى الجماء من القرناء، وحتى الذرة من الذرة". صححه الألباني الصحيحة
قال رسول الله صلى الله وسلم : (( من ضرب مملوكه ظالمًا؛ أقيد منه يوم القيامة")). (حسن) الصحيحة.
وفي سنن الترمذي عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال كان يقال: (أشد الناس عذابا يوم القيامة اثنان؛ امرأة عصت زوجها، وإمامُ قوم وهم له كارهون). قال هناد: قال جرير: قال منصور: فسألنا عن أمر الإمام؟ فقيل لنا: إنما عنى بهذا أئمة ظلمة، فأما من أقام السنة؛ فإنما الإثم على من كرهه. صحيح الإسناد
عن أنس وأبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المستبان ما قالا؛ فعلى البادئ مالم يعتد المظلوم". رواه مسلم
التناصر ورد الحقوق إلى أهلها
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما". فقال رجل: يا رسول الله أنصره مظلوما؛ فكيف أنصره ظالما؟ قال: "تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه". متفق عليه
عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر لكم ذنوبكم جميعا فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك عندي إلا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم : أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله عز وجل . ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه . رواه مسلم
أقوال السلف والعلماء في ذم الظلم
قال معاوية رضي الله عنه: (إني لأستحي أن أظلم من لا يجد عليَّ ناصرًا إلا الله) .
وقال رجل عند أبي هريرة: (إن الظالم لا يظلم إلا نفسه، فقال أبو هريرة: كذبت، والذي نفس أبي هريرة بيده، إنَّ الحبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم) .
وكتب رجل إلى سلطان: ( أحق الناس بالإحسان من أحسن اللّه إليه وأولاهم بالإنصاف من بسطت بالقدرة يداه) .
وكتب إلى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعض عماله يستأذنه في تحصين مدينته. فكتب إليه: ( حصنها بالعدل، ونق طرقها من الظلم) .
ودخل طاوس اليماني على هشام بن عبد الملك فقال له: اتق يوم الأذان؛ قال هشام: وما يوم الأذان؟ قال: قوله تعالى: { فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ } [الأعراف:44] فصعق هشام، فقال طاوس: هذا ذل الصفة فكيف المعاينة؟) .
وكان شريح القاضي يقول: (سيعلم الظالمون حق من انتقصوا، إنَّ الظالم لينتظر العقاب، والمظلوم ينتظر النصر والثواب) .
وقال جعفر بن يحيى: (الخراج عمود الملك، وما استغزر بمثل العدل، وما استنزر بمثل الظلم) .
لا تظلموا أنفسكم في الأشهر الحرم .
فالأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب، شهر مُضر، الذي بين جمادى وشعبان" . .
وأما مضاعفة الثواب والعقاب في هذه الأشهر، فقد صرح بها بعض أهل العلم استناداً لقوله تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36] .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) أي في هذه الأشهر المحرمة، لأنها آكد، وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى : { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج:25] .
وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام، ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حق من قَتل في الحرم أو قتل ذا محرم، ثم نقل عن قتادة قوله: إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزراً من الظلم في سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم في أمره ما يشاء. انتهى.
وقال القرطبي رحمه الله: لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار الله إلى هذا بقوله: ( { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً} [الأحزاب:30] . انتهى كلام القرطبي.
ثمرات العدل
يشيع المحبة بين الأفراد .
قوة تماسك البنيان الاجتماعي والسياسي والتفاف الجماهير حول قيادتها .
العدل يحمي الحقوق والممتلكات والأعراض .
التحفيز على الإقبال العمل والإنتاج .
سبب في كثرة الخيرات وتنزل البركات .
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر