عنوان الخطبة ((اتق المحارم))
الهدف من الخطبة بيان ترغيب ترهيب تذكير.
عناصر الموضوع
1- اتق ما حرم الله عز وجل
2- اتق الله في الأعراض
3- من الآداب الشرعية مع ذوي المحارم
4- ارتق بمجتمعك
اتق المحارم
مقدمة الموضوع : أما بعد، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه}، أَيْ: وَمَنْ يَجْتَنِبُ مَعَاصِي الله وَمَحَارِمَهُ تعظيمًا منه لحدود الله أن يواقعها، وَيَكُونُ ارْتِكَابُهَا عَظِيمًا فِي نَفْسِهِ، فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ في الدنيا والآخرة عِنْدَ رَبِّهِ، فَلَهُ عَلَى ذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَثَوَابٌ جَزِيلٌ، فَكَمَا عَلَى فِعْلِ الطَّاعَاتِ ثَوَابٌ جَزِيلٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ، وَكَذَلِكَ عَلَى تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ وَاجْتِنَابِ الْمَحْظُورَاتِ.
اتق ما حرم الله عز وجل
محارم الله تعالى: هي كل ما حرمه الله تعالى من الصغائر والكبائر، كالشرك والزنا وشرب الخمر وأكل الربا وقتل النفس والنظر إلى ما لا يحل والرشوة والظلم والسرقة والخيانة والغيبة والنميمة وعقوق الوالدين وقطع الأرحام وإيذاء الجيران، وغير ذلك؛ فهو لفظ عام تدخل فيه المعاصي بجميع أنواعها.
وقد أمر الله تعالى عباده باجتناب المحرمات، فقال سبحانه: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، أَيْ: هَذِهِ الشَّرَائِعُ الَّتِي شَرَعَهَا الله لَكُمْ هِيَ حُدُودُهُ، فَلَا تَتَجَاوَزُوهَا، وعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ حَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَفَرَضَ لَكُمْ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا وَتَرَكَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَكِنْ رَحْمَةٌ مِنْهُ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا وَلَا تَبْحَثُوا فِيهَا». أخرجه الحاكم وصححه الحافظ ابن كثير.
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ واخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْء فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وأعبد الناس لله هو الذي يفعل ما أمره الله تعالى حال كونه تاركًا ومجتنبًا لما حرم الله عز وجل: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «من أَخذ عَنِّي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟» قُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ الله فَأخذ بيَدي فَعَدَّ خَمْسًا فَقَالَ: «اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ..». الحديث رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وحسنه الألباني.
كما أن بعض الناس يأتي يوم القيامة بحسنات عظيمة لا تنفعه لعدم اجتنابه ما حرم الله عز وجل: فَعَنْ ثَوْبَانَ أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا». رواه ابن ماجه وصححه الألباني، فهؤلاء مع كونهم مسلمين ويصلون من الليل إلا أنهم كانوا ينتهكون المحرمات عياذًا بالله.
وكما أن هؤلاء إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا فهناك من يرتع في الشبهات والمحرمات بحجج واهية وأعذار مرفوضة، بعدما سولت له نفسه السيئات، وزين له الشيطان المنكرات، فاستحسنها وزعم صلاحها وأنكر فسادها، وادعى حِلها وأنكر حرمتها، فهوى بمواقعة الشبهات عياذًا بالله، فَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشبهاب استبرَأَ لدِينهِ وعِرْضِهِ ومَنْ وقَعَ فِي الشبُّهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُله أَلا وَهِي الْقلب». متفق عليه.
وَعَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا، وَعَلَى جَنْبَتَيْ الصِّرَاطِ سُورَانِ، فِيهِمَا أَبْوَابٌ مُفَتَّحَةٌ، وَعَلَى الْأَبْوَابِ سُتُورٌ مُرْخَاةٌ، وَعَلَى بَابِ الصِّرَاطِ دَاعٍ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، ادْخُلُوا الصِّرَاطَ جَمِيعًا، وَلَا تَتَعَرَّجُوا، وَدَاعٍ يَدْعُو مِنْ فَوْقِ الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ يَفْتَحُ شَيْئًا مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ، قَالَ: وَيْحَكَ لَا تَفْتَحْهُ، فَإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، وَالصِّرَاطُ الْإِسْلَامُ، وَالسُّورَانِ: حُدُودُ اللَّهِ، وَالْأَبْوَابُ الْمُفَتَّحَةُ: مَحَارِمُ اللَّهِ، وَذَلِكَ الدَّاعِي عَلَى رَأْسِ الصِّرَاطِ: كِتَابُ اللَّهِ، وَالدَّاعِي مِنِ فَوْقَ الصِّرَاطِ: وَاعِظُ اللَّهِ فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ". أخرجه أحمد وصححه الألباني.
فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى، ويجتنب محارم الله ولا يقربها، ولا يتهاون في أمر الشبهات فإنها -حتمًا- توقعه في المحرمات.
اتق الله في الأعراض
قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّ الله يَغارُ، وغيرةُ الله أنْ يَأتِيَ المؤمنُ ما حَرَّمَ الله عليهِ". رواه البخاري ومسلم.
إن من صفات الله تعالى الفعلية أن الله عز وجل يغار، ومن آثار تلك الصفة أن الله تعالى حرم الفواحش كلها، فإذا فعل العبد الفواحش فإن الله عز وجل يغار ويغضب أن يأتي العبد محارمه؛ فَعَنِ الْمُغِيرَةَ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ». متفق عليه.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». رواه البخاري.
وقد جاء الوعيد الشديد من الله عز وجل لكل من ينشر الفواحش أو يحب نشرها بين المؤمنين بالعذاب الموجع المؤلم في الدنيا والآخرة، فقال جل وعز: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَة}.
فاتقوا الله عباد الله! اتقوا الله في حرمات المسلمين وأعراضهم، لا تقعوا فيها لا بالقول ولا بالفعل، ولا تباشروها بأنفسكم ولا تعينوا فيها غيركم، فعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعُ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ». رواه أحمد أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
فاحذر عبد الله من تتبع عورات المسلمين، واحفظ حرمات المسلمين.
احذر عبد الله من النظر إلى غير أحل الله لك؛ فإن الله تعالى يقول: {قُلْ لِلمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهِمْ}، ويقول سبحانه: {إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، ويقول جل جلالهُ: {يَعْلَمُ خَائِنةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}، وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه أنه قَالَ: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلمَ عن نَظَرِ الفَجْأَةِ، فَقَالَ: «اصْرِفْ بَصَرَكَ». رواه مسلم.
احذر عبد الله من لمس أو مصافحة غير أحل الله لك؛ فعن مَعْقِل بْن يَسَارٍ أنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ». أخرجه الطبراني وصححه الألباني، وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها أنها قَالَتْ: وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وَعَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ نُبَايِعُهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا نَسْرِقَ، وَلَا نَزْنِيَ، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلَا نَعْصِيكَ فِي مَعْرُوفٍ، قَالَ: «فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ، وَأَطَقْتُنَّ». قَالَتْ: قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا، هَلُمَّ نُبَايِعْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ مِثْلُ قَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ». رواه الترمذي وصححه الألباني.
احذر عبد الله من الدخول على النساء، والاختلاط المحرم بهن، والكلام معهن إلا لحاجة، فإن الله تَعَالَى يقول: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْألُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجابٍ}، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ قَالَ: «لاَ يَخْلُونَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ». متفق عَليْهِ، وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنهما أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان». رَوَاهُ أحمدُ والتِّرْمِذِيّ وصححه الألباني.
وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ». متفق عليه. الْحَمْوُ هم أَقَارِبُ الزَّوْجِ غَيْرِ أَبْنَائِهِ وآبائه.
قال النووي رحمه الله: لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنَ الْأَقَارِبِ كَثِيرٌ، وَالْفِتْنَةَ مِنْهُمْ أَوْقَعُ، لِتَمَكُّنِهِمْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ. انتهى، وأما مناسبة ذكر الموت، فقيل: دُخُولُهُ كَالْمَوْتِ مُهْلِكٌ، فَالْحَذَرُ عَنْهُ كَمَا يُحْذَرُ عَنِ الْمَوْتِ. وقيل: مَعْنَاهُ فَلْيَمُتْ وَلَا يَفْعَلْ ذَلِكَ. وقيل: خَلْوَةُ الرَّجُلِ مَعَ الْحَمُومَةِ يُؤَدِّي إِلَى زِنَاهَا عَلَى وَجْهِ الْإِحْصَانِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الرَّجْمِ، وقيل: لأن عادة الناس في الأعراض الموت.
فالواجب على كل مسلم أن لا يعتمد على العادات ولا يتخذها شرعًا، بل تُعرض العادات على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلمَ، فما أقره الشرع عُمل به وإلا فلا يجوز مخالفة شرع الله.
واعتياد الناس على أمور تخالف الشرع في عاداتهم وأعرافهم لا يجعل ذلك مسوغًا للفعل وإن عمت بذلك البلوى، فالحق أحق أن يتبع، فليس للمرأة أن تكشف عن وجهها أو تظهر زينتها أمام غير محارمها، كابن عمها، وابن خالتها، وزوج أختها، وإخوة زوجها وأعمامه وأخواله، ومن العجيب أن يخص الشرع الأزواج بزينة زوجاتهم فيأبى بعضهم إلا أن يُشارك في ذلك، فيأمروا زوجاتهم بكشف الوجه ونحو ذلك!
عباد الله احذروا ما يسخط الله عز وجل، احذروا الفواحش والمحرمات، قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: يَقُولُ تَعَالَى نَاهِيًا عِبَادَهُ عَنِ الزِّنَا وَعَنْ مُقَارَبَتِهِ، وَهُوَ مُخَالَطَةُ أَسْبَابِهِ وَدَوَاعِيهِ {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}، أَيْ: ذَنْبًا عَظِيمًا {وَسَاءَ سَبِيلا}، أَيْ: وَبِئْسَ طَرِيقًا وَمَسْلَكًا.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ» قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ» قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} الآيَةَ. متفق عليه.
من الآداب الشرعية مع ذوي المحارم
ذوو محارم المرأة: هم الرجال الذين لا يحل لها النكاح منهم تأبيدًا، وذوات محارم الرجل: هن النساء اللائي لا يحل له النكاح منهن تأبيدًا، بنسب –قرابة- أو مصاهرة أو رضاع، وهم أصوله، وفروعه، وحواشيه عدا بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات، وذوات رضاعه، وزوجات أصوله، وزوجات فروعه، وأصول زوجته بمجرد العقد، وفروعها بعد الدخول بها.
فتحرم عليه نساء الأصول كالأم والجدة، ونساء الفروع كالبنت وبنت الابن، ونساء الحواشي –إلا ما ذكر- كالأخت والعمة والخالة، وكل من ثبت له رضاع معها كالأم من الرضاعة والأخت من الرضاعة والبنت من الرضاعة، وزوجات أصوله كزوجة أبيه، وزوجات فروعه كزوجة ابنه، وأصول زوجته كأم زوجته، وفروع زوجته كابنة زوجته.
قال الله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا . حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا}.
هذا وقد شرع الله تعالى أحكامًا يلزم مراعاتها مع المحارم، ومن ذلك:
- عدم الاطلاع على العورات بحجة المحرمية: قال الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. أي: وقل للمؤمنات يكففن من أبصارهن عن النظر إلى ما لا يحلّ لهن النظر إليه من العورات، ويحفظن فروجهن بالبعد عن الفاحشة وبالستر، ولا يُظْهِرن زينتهن للأجانب إلا ما ظهر منها مما لا يمكن إخفاؤه كالثياب، وليضربن بأغطيتهنّ على فتحات أعلى ثيابهن ليسترن شعورهن ووجوههن وأعناقهن، ولا يُظْهِرن زينتهنّ الخفية إلا لأزواجهنّ، أو آبائهن، أو آباء أزواجهن، أو أبنائهنّ، أو أبناء أزواجهنّ، أو إخوانهنّ، أو أبناء إخوانهنّ، أو أبناء أخواتهنّ، أو نسائهنّ المأمونات، أو ما ملكن من العبيد ذكورًا أو إناثًا، أو التابعين الذين لا غرض لهم في النساء، أو الأطفال الذين لم يطّلعوا على عورات النساء لصغرهم، ولا يضرب النساء بأرجلهن قصد أن يُعْلَم ما يسترن من زينتهنّ مثل الخلخال وما شابهه، وتوبوا إلى الله جميعًا -أيها المؤمنون- مما يحصل لكم من النظر وغيره؛ رجاء أن تفوزوا بالمطلوب، وتنجوا من المرهوب.
- الاستئذان على المحارم: قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، وعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي مَعَهَا فِي الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا»، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنِّي خَادِمُهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهَا عُرْيَانَةً؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَاسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا». أخرجه مالك مرسلاً، وعَنْ عَلْقَمَةَ أنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ –يعني ابن مسعود-، قَالَ: أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: "مَا عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهَا تُحبّ أَنْ تَرَاهَا". أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وقال الألباني: صحيح الإسناد، وعَنْ مُسْلِمِ بْنِ نُذير قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: أستأذِن عَلَى أُمِّي؟ فَقَالَ: "إِنْ لَمْ تَسْتَأْذِنْ عَلَيْهَا رَأَيْتَ مَا تَكْرَهُ"، وفي رواية: "ما يسؤك". أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وقال الألباني: حسن الإسناد، وعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُخْتِي؟ فَقَالَ: "نَعَمْ". فأعدتُ، فقلتُ: أُخْتَانِ فِي حِجْرِي، وَأَنَا أمونُهُما، وَأُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، أَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: "نَعَمْ، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمَا عُرْيَانَتَيْنِ؟! ثُمَّ قَرَأَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم ...} إِلَى: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ، قَالَ: فَلَمْ يُؤْمَرْ هَؤُلَاءِ بِالْإِذْنِ إِلَّا فِي هَذِهِ الْعَوْرَاتِ الثَّلَاثِ". قَالَ: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "فالإذن واجب على الناس كلهم". أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وقال الألباني: صحيح الإسناد.
- لزوم الاحتجاب عند عدم أمن الفتنة ممن يظهر فساده من ذوي المحارم.
ارتق بمجتمعك
ينبغي على المسلم أن يكون صالحًا في نفسه، مصلحًا قدر طاقته، يسعى في الارتقاء بمجتمعه دينيًا وأخلاقيًا، يبين المشروع من الممنوع، والصواب من الخطأ، وما يصح من الأعراف ويقره الشرع، وما لا يصح، ويأمر بالمعروف بالمعروف، وينهى عن المنكر بالمعروف، بهذا تحصل الخيرية وتنتشر الفضيلة وتسود الأخلاق، قَالَ الله تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وَقالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر}، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ». رواه مسلم.
وليحذر المسلم أن يعرف الحق ولا يتبعه، أو يترك البيان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فإن البلاء حينما ينزل لا يفرق بين مرتكب المنكر والساكت عنه؛ فَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ المُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ، وَالوَاقِعِ فِيهَا، مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاَهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلاَهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: مَا لَكَ، قَالَ: تَأَذَّيْتُمْ بِي وَلاَ بُدَّ لِي مِنَ المَاءِ، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ". رَوَاهُ البُخَارِيّ. "المدهن" هو المُحَابِي في غير حق، فيرى المنكر ولا ينكره.
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر