عنوان الخطبة ((العفيفة الطاهرة))
الهدف من الخطبة بيان بعض صفات المرأة المؤمنة، والترغيب في اتصاف النساء بتلك الصفات، والترهيب مما نهين عنه
عناصر الموضوع
1- المرأة في الجاهلية.
2- هكذا فلتكن نساؤنا.
3- احذروا هؤلاء النساء.
4- أيها الرجل! حقق قوامتَك وقم بمسئويتِك
العفيفة الطاهرة
مقدمة الموضوع : أما بعد، قال الله تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
لقد أنعم الله على المؤمنين وأحسن إليهم حين بعث فيهم رسولًا من جنسهم، يقرأ عليهم القرآن، ويطهِّرهم من الشرك والأخلاق الرذيلة، ويعلمهم القرآن والسُّنَّة، وقد كانوا من قبل بعثة هذا الرسول في ضلال واضح عن الهدى والرشاد. انتهى من المختصر في التفسير.
المرأة في الجاهلية
كان الناس قبل الإسلام في ضلال واضح ظاهر في جميع أمورهم، ومن ذلك ضلالهم في أمر المرأة أيًا كانت درجتها ولو كانت أمًّا.
لقد شَرَّعوا لها أحكامًا تنطق بالجور والظلم والعدوان، وعاملوها كسلعة معيبة تمتهن وتباع وتشترى، وجعلوها عارًا يجب التخلص منه أو إمساكه على ذل وهوان، وللنساء أن يتصورن حال المرأة في الجاهلية ليعلمن فضل الإسلام وعدله.
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يأدون البنات خشية العار والفقر، ويعتبرون الإناث شؤم؟ قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ).
هل تتصور النساء أن النكاح في الجاهلية كان فاحشة في ذاته إلا نكاحًا واحدًا؟ فعن عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ: يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا، حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ. وَنِكَاحٌ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، لاَ تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ، لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ «فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ». رواه البخاري.
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يتوارثون المرأة ولا يورثونها، وكانوا يتزوجون بزوجة آبائهم إذا طلقوها أو ماتوا عنها، وكانوا يجمعون بين الأختين في النكاح؟ قال تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا)، وقال سبحانه: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ)، أي: لا تعودوا لهذا الذي كان منكم في الجاهلية فإن الله حرمه، وعفا عنكم بعد إسلامكم.
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يعددون بين الزوجات من غير حد معروف ينتهي إليه، وكان الطلاق والرجعة بيد الرجال لا ينتهي لحد معين؛ فيُطَلِّقُونَ ما بدا لهم دون حد للطلاق عندهم، ويُرْجِعْون المرأة متى أرادوا بلا صيانة لحقها ولا حفظ لكرامتها التي أعدموها، حتى جاء الإسلام فمحى الجاهلية وأزالها؟ قال تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، وقال سبحانه: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ)، أي الطلقة الثالثة، وقال تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ)، أي إذا أوشكت عدة الرجعية على الانقضاء فلكم أن ترجعوا المرأة، فإن انقضت عدتها ولم ترجعوها فلا سبيل لكم عليهن.
هل تتصور النساء أن المرأة في الجاهلية كانت إذا مات زوجها تلبس أقبح ثيابها، وتجلس في خُفْشٍ حقير من الدار، ولا تقرب ماءً ولا طِيبًا، ولا تغتسل ولا تتنظف مهما أصابها، ولا تقلم ظفرًا ولا تزيل شعرًا، ولا تمتشط، حتى تمضي عليها سنة كاملة، ثم تؤتى ببعرة فترميها إذا مر بها كلب إيذانًا بانقضاء عدتها، ثم تؤتى بدابة طير أو حمار فتزيل بها أدرانها وأوساخها وتفرك به بدنها، فقلما أوتيت بدابة إلا ماتت من نتن ريحها، حتى جاء الإسلام فطهرها ونظفها ووضع عنها العدة من سنة إلى أربعة أشهر وعشرة أيام لا تتزين فيها بشيء؟ قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا، فَخَشُوا عَلَى عَيْنَيْهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الكُحْلِ، فَقَالَ: «لاَ تَكَحَّلْ، قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَمْكُثُ فِي شَرِّ أَحْلاَسِهَا أَوْ شَرِّ بَيْتِهَا، فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعَرَةٍ، فَلاَ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ». رواه البخاري ومسلم، وعن حميد بن نافع أنه قال: قُلْتُ لِزَيْنَبَ –يعني بنت أبي سلمة-: وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ المَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً، فَتَرْمِي، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ». سُئِلَ مَالِكٌ مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ: تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا. رواه البخاري ومسلم.
هل تتصور النساء أن إهانة المرأة بلغت أن تطوف بالبيت عريانة؟ فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قَالَ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ، فَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِي تِطْوَافًا؟ تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا، وَتَقُولُ: الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ، فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ؛ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ). رواه مسلم.
هل تتصور النساء أن العرب كانوا يشترون الإماء لِيُعْمِلُوهُمْ في البغاء؟ قال تعالى: (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
ولا يخل المقال من استرسال، ولكن تلك نتف من أحوالهم وأحكامهم الجائرة الباطلة، فلتتأملها النساء لتعرف فضل الإسلام وعظمته.
هكذا فلتكن نساؤنا
إن دين الإسلام دين عظيم، صراطه مستقيم، وتشريعه حكيم، أعطى كل ذي حق حقه، وبين صفات المرأة المؤمنة العفيفة الطاهرة، ورغب النساء في الاتصاف بتلك الخلال الكريمة، وجعل لهن على ذلك أجرًا عظيمًا، ومن صفات المؤمنات الطاهرات العفيفات:
- صحة العقيدة وسلامة التوحيد وهن الطاهرات العفيفات المصونات: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، فوصفهن بالطهر والعفاف والإيمان، وقال تعالى: (مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ)، فهي حافظة لفرجها، لا ترتكب الفاحشة، وليس لها خِدنًا من الرجال وهو الرفيق والصاحب ونحوه.
- ومن صفاتهن: الإيمان، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وطاعة الله ورسوله: قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
- أمرهن الله بطاعته وأعد لهن أجرًا عظيمًا: قال تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
- ليس لهن أن يعصين الله ورسوله بل يسلمن تسليمًا: قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).
- والصالحات من النساء مطيعات لربهن، مطيعات لأزواجهن، حافظات لهم في غيبتهم بسبب توفيق الله لهن، ولا يفشون أسرار الزوجية، قال تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)، وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَقَالَ: «عَسَى رَجُلٌ يُحَدِّثُ بِمَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، أَوْ عَسَى امْرَأَةٌ تُحَدِّثُ بِمَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا» فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ وَإِنَّهُنَّ لَيَفْعَلْنَ، قَالَ: «فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مِثْلَ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةٍ فِي ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ». رواه أحمد والطبراني في الكبير واللفظ له وحسنه الألباني.
- والمؤمنة طاهرة عفيفة تبايع على حفظ العرض والنسب: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
- رباهن الله تعالى وأدبهن بالآداب السامية والأخلاق الفاضلة والخلال الكريمة: قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فالمؤمنة العفيفة تغض بصرها وتحفظ فرجها وتصون نفسها وتحتجب عن الأجانب ولا تبدي زينتها ولا تضرب برجلها وتتوب لربها.
- يبغضون الفاحشة، ولا يظنون بمؤمن إلا خيرًا، فلا يرمونه بالفاحشة باطلاً: قال تعالى: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ).
- كرمهم الله وحفظهم وأعد لمن أذاهم أو قذفهم بالفاحشة عذابًا عظيمًا: قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا).
- العفيفة الطاهرة ترضي ربها، وتقوم بحق زوجها وبيتها: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خُمُسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَصَّنَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا دَخَلَتْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ». أخرجه ابن حبان وصححه الألباني.
- العفيفة الطاهرة لا تتحدث مع الأجانب إلا لحاجة، ولا تخضع بالقول أبدًا: قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا).
- العفيفة الطاهرة تقر في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ).
- العفيفة الطاهرة تحتجب وتستر بدنها فلا يظهر منه شيء: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)، وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)، شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. رواه البخاري، وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ)، خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأَكْسِيَةِ. رواه أبو دواد وصححه الألباني، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله نساء المؤمنين أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبرزن عينًا واحدة. انتهى وهذا هو قول جمهور أهل العلم.
وحجاب المرأة الشرعي المأمور به على ثلاث درجات بعضها فوق بعض في الاحتجاب والاستتار، دل عليها الكتابُ والسنة:
الأولى: حجاب الأشخاص في البيوت بالجدر والخدر، وأمثالها، بحيث لا يَرى الرجال شيئًا من أشخاصهن ولا لباسهن ولا زينتهن الظاهرة ولا الباطنة ولا شيئًا من جسدهن من الوجه والكفين وسائر البدن، وقد أمر الله عز وجل بهذه الدرجة من الحجاب فقال: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)، وِقال سبحانه وتعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، ويرشح هذه الدرجة أحاديث تحبب إلى المرأة القرار في البيت، وعدمَ الخروج حتى إلى صلاة الجماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن قرارها في بيتها أرجى لها في الأجر عند الله تعالى.
الثانية: خروجهن من البيوت مستورات، ومن أدلتها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) الآية.
الثالثة: خروجهن مستورات الأبدان من الرأس إلى القدم، مع كشف الوجه واليدين عند أمن الفتنة عند بعض الأئمة.
واتفق جمهور علماء المذاهب في هذا الزمان على وجوب تغطية الوجه والكفين من المرأة سدُّا لذرائع الفساد، وعوارض الفتن، فلم يبق يشرع إلا الدرجتان الأولى والثانية. انتهى من عودة الحجاب.
والحجاب الشرعي له شروط:
الأول: استيعاب جميع بدن المرأة.
الثاني: أن لا يكون زينة في نفسه.
الثالث: أن يكون صفيقًا لا يشف.
الرابع: أن يكون فضفاضًا غير ضيق.
الخامس: أن لا يكون مبخرًا مطيبًا.
السادس: أن لا يشبه لباس الرجل.
السابع: أن لا يشبه لباس الكافرات.
الثامن: أن لا يكون لباس شهرة. انتهى من عودة الحجاب.
- العفيفة الطاهرة لا تخلع ثيابها خارج بيتها: فَعَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: دَخَلَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتُنَّ؟ قُلْنَ: مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. قَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنَ الْكُورَةِ الَّتِي تَدْخُلُ نِسَاؤُهَا الْحَمَّامَاتِ؟ قُلْنَ: نَعَمْ. قَالَتْ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتَكَتْ، مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى». رواه أبو داود وصححه الألباني، وعند الترمذي: «مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا هَتَكَتِ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا».
- العفيفة الطاهرة لا تُدْخِل بيتها أجنبيًا عنها ولو كان من أقارب زوجها: فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلمِ قال في حجة الوداع: "وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ". رواه مسلم، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُسَافِرِ المَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلاَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا، وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الحَجَّ، فَقَالَ: «اخْرُجْ مَعَهَا». رواه البخاري بلفظه ومسلم، وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ». متفق عليه. الْحَمْوُ هم أَقَارِبُ الزَّوْجِ غَيْرِ أَبْنَائِهِ وآبائه. قال النووي رحمه الله: لِأَنَّ الْخَوْفَ مِنَ الْأَقَارِبِ كَثِيرٌ، وَالْفِتْنَةَ مِنْهُمْ أَوْقَعُ، لِتَمَكُّنِهِمْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ عَلَيْهِمْ، بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ. انتهى، وأما مناسبة ذكر الموت، فقيل: دُخُولُهُ كَالْمَوْتِ مُهْلِكٌ، فَالْحَذَرُ عَنْهُ كَمَا يُحْذَرُ عَنِ الْمَوْتِ. وقيل: مَعْنَاهُ فَلْيَمُتْ وَلَا يَفْعَلْ ذَلِكَ. وقيل: خَلْوَةُ الرَّجُلِ مَعَ الْحَمُومَةِ يُؤَدِّي إِلَى زِنَاهَا عَلَى وَجْهِ الْإِحْصَانِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الرَّجْمِ، وقيل: لأن عادة الناس في الأعراض الموت.
- العفيفة الطاهرة لا تسافر إلا مع ذي محرم: عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنه قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلَا تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ»، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
- العفيفة الطاهرة عندها حياء جم: فعن أَبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه أنه قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ في وَجْهِه. متفقٌ عَلَيْهِ. وهذا الحديث جاء أصالة في بيان شدة حياء النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه أيضًا أن ذوات الخدور يتميزن بالحياء.
إن الحياء شيمة أساسية من شيم العفائف الطاهرات، فهؤلاء بنات الرجل الصالح اللاتي سقى لهما موسى عليه السلام، اعتزلن الزحام وتجنبن الاختلاط يوميًا حتى ينفض الناس، قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ . فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ . فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا..) الآيات. قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جَاءَتْ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ، قَائِلَةً بِثَوْبِهَا عَلَى وَجْهِهَا، لَيْسَتْ بِسَلْفَعٍ خَرَّاجة وَلَاجَّةً. السلفع من النساء: الْجَرِيئَةُ السَّلِيطَةُ.
وهذه مريم عليها السلام، قال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا . فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا . قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا . قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا . قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا . قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا . فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا . فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا).
وهذه عَائِشَةُ رضي الله عنها تقول: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِيَ الَّذِي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي وَاضِعٌ ثَوْبِي وَأَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاء من عمر. رَوَاهُ أَحْمد وصححه الألباني.
احذروا هؤلاء النساء
إن من أعظم مسالب النساء المفضية إلى عظيم الفساد انتشار التبرج والسفور، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).
فعلى المؤمنين والمؤمنات الحذر من أهل الشر والفساد ونشر التبرج والفاحشة، وقد نهى الشرع عن أمور وجاء الوعيد لمن اتركبها، فعلى المؤمنة الطاهرة العفيفة اجتناب تلك المخالفات، والتحذير منها، وعدم الاغترار بالجهل بها أو كثرة انتشارها، ومن هذه المخالفات:
- التبرج والسفور وترك الستر والحجاب: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا». رواه مسلم، و عَنْ أَبِي أُذَيْنَةَ الصَّدَفِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُ نِسَائِكُمُ الْوَدُودُ الْوَلُودُ الْمُوَاتِيَةُ الْمُوَاسِيَةُ، إِذَا اتَّقَيْنَ اللهَ، وَشَرُّ نِسَائِكُمُ الْمُتَبَرِّجَاتُ الْمُتَخَيِلَّاتُ وَهُنَّ الْمُنَافِقَاتُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُنَّ، إِلَّا مِثْلُ الْغُرَابِ الْأَعْصَمِ". أخرجه البيهقي وصححه الألباني.
- الترجل والتشبه بالرجال: فَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لعن الله الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَقَالَ: «أخرجوهم من بُيُوتكُمْ». رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ والمتشبِّهات من النِّسَاء بِالرِّجَالِ». رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وصححه الألباني.
- وضع العطور عند الخروج البيت: عَنْ أبي موسى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ». رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه الألباني.
- الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ والواشمة والمستوشمة». متفق عليه. الواصِلَةُ: التي تصل الشعر بشعر النساء، والمسْتَوْصِلَة: المعمول بها ذلك، والواشِمَة: التي تصنع الوشم، و(المسْتَوْشِمَة): المعمول بها ذلك.
- النامصة والمتنمصة، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله: فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ»، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ، لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ، فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: فَإِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الْآنَ، قَالَ: اذْهَبِي فَانْظُرِي، قَالَ: فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، فَقَالَ: أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ نُجَامِعْهَا. متفق عليه. والنامِصَةُ: التي تنقش الحاجب حتى ترقه، والمتنَمِّصَة: المعمول بها ذلك.
- ذوات الأخدان التي تعرف الرجال أو تصاحبهم أو تخرج معهم أو تخلو بهم: قال تعالى: (مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ)، وَعَنْ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثالثهما الشَّيْطَان». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وصححه الألباني.
- ذوات التهويل في المصائب ممن يلطمون الخدود ويشقون الجيوب ويعملن بأعمال الجاهلية عند المصائب: فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ». متفق عليه.
- وكذا الصالقة والحالقة والخامشة: فَعَن أبي بردة بْن أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا شَدِيدًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ». رواه البخاري. الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة من الصلق وهو الصياح والولولة. والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثيابها عند المصيبة، وعن أبي أمامة رضي الله عنه: "أنَّ رسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَن الخامِشَة وجْهَها، والشاقَّةَ جَيْبَها، والداعِيةَ بالوْيلِ والثُّبورِ". رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
أيها الرجل! حقق قوامتَك وقم بمسئوليتِك
قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)، وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)، وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: «أَلا كلُّكُمْ راعٍ وكلُّكُمْ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ؛ فَالْإِمَامُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وولدِهِ وَهِي مسؤولةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مسؤولٌ عَنهُ، أَلا فكلُّكُمْ راعٍ وكلكُمْ مسؤولٌ عَن رعيتِه». متفق عليه.
إن الله تعالى جعل القوامة للرجل، وهو المسئول عن استقامة أهل بيته، فيربيهم تربية صحيحة، ويقوم سلوكياتهم، ويصوب أخطائهم، فالبيت مسئول منه.
إننا معاشر الرجال إذا أردنا اختيار زوجة لأنفسنا أو لأبنائنا أو نحو ذلك، من سنختار؟ وبمن سنرضى؟ أليست المرأة المؤمنة الطاهرة العفيفة المصونة؟ فلماذا لا يربي كل منا بناته على قواعد الطهر والعفاف والستر والحياء؟!
معاشر الرجال لا تستمعوا لأوهام النساء، ولا تتبعوا خطواتهن، ومن الترهات النسوية التي يغلبن بها الرجال –للأسف-: قولهن: دع البنت تلبس ما تشاء فإنها ما زالت صغيرة، ثم دعها حتى تعيش كبنات عصرها فإن زمانَنَا غير زمانِها، ثم دعها حتى تَفًوقَ بنات كذا وبنات كذا، أترضى أن تكون ابنتنا أقل منهن؟ ثم دعها فإنها تعرف كيف تتصرف وتحمي نفسها، ولا يمكن أن تفعل خطأ، ويستحيل أن تجلب لنا عارًا، ألا تثق في ابنتنا؟ ثم دعها حتى لا تتعقد الفتاة وتصاب بالاكتئاب والأمراض النفسية، أتريدها أن تقتل نفسها؟ أتريدها أن تنتحر؟! ثم دعها حتى يأتيها الخُطاب وتتزوج؟ ثم دعها تجهز نفسها بأغلى الجهاز كالبنات ألا ترى كيف تجهزت فلانة وفلانة؟ أتريدنا أضحوكة للناس يقولون: عجز عن تجهيز بناته؟ ثم دعها تختار من تحب ومن تريد، هل ستعيش معها؟ ثم دعها تخرج مع من اختارت، أليس خطيبها؟ أنخاف عليها أكثر منه؟ ثم دعها تفرح كما تريد، وكما تتفق مع زوجها، أليست زوجته؟ هل نحجر عليهم أيضًا بعد الزواج؟ يكفي ما ضيقنا عليها فيه، فإننا لم نجبر كسرها في كذا وكذا -من التفاهات-.
ثم يكتشف الرجل المسكين أن قوامته ضاعت، وأن كرامته تهدرت، وأن شخصيته انعدمت، ولا سلطان له على بيته، ولا على زوجته التي طغت برأيها، ولا على بناته اللاتي عصين الله عز وجل، وخرجن عن طاعة أبيهم، وصرن يفعلن ما يحلو لهن.
معاشر الرجال إننا إذا أردنا العزة ورفع الرأس في الدنيا والأجر في الأخرة فلابد من تحقيق القوامة على وجهها، والقيام بمسئولية البيت قيامًا كاملاً سليمًا، إن النساء لا يستطعن ما لم يخلقوا له، ووسائل الإعلام تفسد ولا تصلح، وتهدم ولا تبني، وتخرب ولا تعمر، فلا تتركوا الأهل والذرية لفتن الإعلام، وأوهام النساء، وصواحب السوء، الأفكار الغربية والهدامة والمنحرفة.
ونقول لكل مربٍ أحسن التربية أبشر ببشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَعَن عائشةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ وَمَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُنِي فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ. فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ هَكَذَا» وضمَّ أصابعَه. رَوَاهُ مُسلم
مع تحيات
اللجنة العلمية لملتقى الخطيب المؤثر أسد المنابر