الخميس ، ١٩ جمادى الأول ، ١٤٤٦ هجري | 21 نوفمبر 2024 ميلادي
كنا نعلم ولا نعمل
وصف الخطبة : - قال ابن القيم رحمه الله : (هلكت جارية في طاعون فرآها أبوها في المنام .. فقال لها : يا بنيه أخبريني عن الآخره !! فقالت : قدمنا على أمر عظيم وقد كنا نعلم ولا نعمل والله لتسبيحة واحدة أو ركعة واحدة في صحيفة عملي أحب إلي من الدنيا وما فيها..) لقد قالت الجارية كلامًا عظيمًا (كنا نعلم ولا نعمل) ولكن كثيرًا منا لم يفهم مرادها. وسأقوم بشرح هذه العبارة عن طريق ضرب بعض الأمثلة كي تتضح الصورة..

😭 كنا نعلم  ولا نعمل 😱  

✍️ وكتبه 
أد. محمود الحفناوي الأنصاري

  هذه الرسالة استوقفتني كثيرًا حينما قرأتها ،،  فأردتُ أن يستفيدَ منها الجميع.

قال ابن القيم رحمه الله :
(هلكت جارية في طاعون فرآها أبوها في المنام .. فقال لها : يا بنيه أخبريني عن الآخره !! فقالت : قدمنا على أمر عظيم وقد كنا نعلم ولا نعمل  والله لتسبيحة واحدة أو ركعة واحدة في صحيفة عملي أحب إلي من الدنيا وما فيها..)

لقد قالت الجارية كلامًا عظيمًا (كنا نعلم ولا نعمل) ولكن كثيرًا منا لم يفهم مرادها.

وسأقوم بشرح هذه العبارة عن طريق ضرب بعض الأمثلة كي تتضح الصورة.. 

🌼 كنا نعلم أن من حافظ على الصلاة كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة ،، ولم نحافظ على الصلاة في جماعة ولا في وقتها ..

🌼 كنا نعلم أن من أدرك تكبيرة الإحرام خلف الإمام أربعين يومًا [ 200 صلاة ] ،، لا يقل الأمام استووا إلا ونحن خلفه في الصف ،، كُتِبتْ له براءتان ،، براءة من النفاق ،، وبراءة من النار ،،  ولم نجاهد أنفسنا في الحفاظ على تكبيرة الإحرام لنفوذ بموعودِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحصل على البراءة ...

🌼 كنا نعلم أن حلق الذكر ( مجالس العلم ) هي روضة من رياض الجنة ،، وهم القوم لا يشقى جليسهم ،، ومع ذلك كنا نفرُ من مجالسِ العلم كما يفر الخائف من الأسد ،، وتمر الأسابيع ولا نحضرٌ مجلسًا للعلم ..

🌼 كنا نعلم أننا إذا قلنا سبحان الله وبحمده مائة مرة  تغفر لنا ذنوبنا وإن كانت مثل زبد البحر ( وتمر علينا الأيام والليالي ولا نقولها  ) 

🌼 كنا نعلم أن ركعتي الضحى تجزئ عن  360  صدقة  ( وتمر علينا الأيام تلو الأيام ولا نصليها  ) 

🌼 وكنا نعلم أن من صلى لله 12 ركعة في اليومِ والليلةِ بني له بيتٌ في الجنة ،، 2 قبل الفجر ( سنة الفجر) ،  4 قبل الظهر ، 2 بعد الظهر ، 2 بعد المغرب ، 2 بعد العشاء ،،، ومع ذلك لم نحافظ على هذه الركعات ولم نصليها ..

🌼 وكنا نعلم أن من صام يومًا في سبيل الله تطوعًا باعدَ الله وجهه عن النار سبع خنادق ،، وباعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا ( ولم نصم في هذا الاسبوع يومًا )..

🌼 وكنا نعلم أن من عاد مريضًا ( أي زاره) تبعه  سبعون  ألف ملك يستغفرون له الله ( ولم نزر مريضًا هذا الاسبوع )..

🌼 وكنا نعلم أن من صلى على جنازة وتبعها حتى تدفن أن له قيراطين من الأجر في الجنة ( والقيراط كجبل أحد ) وتمر علينا الأسابيع ولم نسعَ لتشيع جنازة ،، ولا نذهب إلى المقابر.. 

🌼 وكنا نعلم أن من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة ( عش الطائر ) بنى الله له بيتًا في الجنة ( ولم نساهم في بناء المساجد ولو بعشرة دنانير ).. 

🌼 وكنا نعلم أن الساعي على الأرملةِ وأبنائها المساكين كالمجاهدِ في سبيلِ الله وكصائمِ النهارِ الذي لا يَفطر وكقائمِ الليلِ كله ولا ينام ( ولم نساهم في  كفالة الأرملة وأبنائها ).

🌼 وكنا نعلم أن من قرأ من القرآن ولو حرفًا واحدًا فله حسنة والحسنةُ بعشرِ أمثالها ولم نهتم بقراءةِ القرآن يوميًا من الأيام .

 🌼 وكنا نعلم أن أذكار الصباح والمساء ، وباقي الأذكار اليومية هي الحصن الحصين للمسلم ، والمسلمة ، من السحر والعين والحسد ومن شر شياطين الأنس والجن ،  وأن من قالها ومات من يومه أو ليلته دخل الجنة ونجى من النار ،، ومع هذا الأجر العظيم الذي فيها ما زلنا نفرط في الأذكار ،، وتمر الأيام والأسابيع والشهور ولا نقولها ،، ولا نحافظ عليها .. 

🌼 وكنا نعلم أن الحج المبرور جزاؤه الجنة وأجره أن يرجع الحاج كيومِ ولدته أمه ( أي بصفحةٍ بيضاءٍ نقيةٍ من الذنوبِ ) ولم نحرص على أداء مناسك الحج مع أن الظروف سهلة وميسرة علينا ،، ولم نحاول ،، ولم نسعَ للحج ،، ولم نبذل الغالي والثمين من أجل الحج..

🌼  وكنا نعلم أن شرف المؤمن قيامه الليل ،، وأن النبي صلى الله عليه وآله مع صحابته لم يفرطوا  بصلاةِ القيامِ طول عمرهم ،، رغم انشغالهم بلقمة عيشهم ،، وجهادهم في سبيل لنصرة دينهم ... ونحن لدينا تفريط كبير في قيام الليل ،، ولم نحرص على قيام الليل ولو بركعتين طويلتين كل ليلة ..
 
🌼 وكنا نعلم أن أفضل أيام الدنيا هي الأيام العشر الأول من ذي الحجة ،، والعمل الصالح فيها خير من الجهاد في سبيل الله ،، ومع ذلك نقضي هذه الأيام في اللهو واللعب ،، ونضيع أوقتها ،، ولا نكثرُ  فيها من العمل الصالح !!!
 
🌼 وكنا نعلم أن الساعة آتيةٌ لا ريبَ فيها ،، وأن الله يَبعثُ من في القبورِ ولم نستعدْ لهذا اليوم ..
 
🌼 وكنا ندفنُ الموتى ،، ونصلى عليهم ،، ولم نجتهد لمثلِ هذا اليومِ وكأننا لدينا شهادة تُفيدُ أننا غيرُ المقصودين بالموت !!!!

اعلم أخي الحبيب واعلمي أختي العزيزة أن كلَ نفَسٍ نتنفسه يقربنا إلى الأجل المحتوم ( الموت ) ،  والموت آتٍ لا محالة عاجلًا أو آجلًا ،، وما زلنا نلهو ونلعب ونمرح !!!!

آن الأوان من هذه اللحظة أن نغير نمط حياتنا وأن نستعد الاستعداد الأمثل ليوم الحساب ﴿فَإِذَا جَآءَتِ الصَّآخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَـحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِىء مِنْهُمْ يَوْمَئِذ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذ عَلَيٌهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)﴾  

 هنيئًا لمن قرأها وفهمها وبادرَ إلى العمل بها ،، وجزى اللهٌ خيرًا من أرسلها إلى غيره ،، ونشرها بين الناس.

اللهم احسن خاتمتنا أجمعين .