وصف الخطبة : - في هذه الأحداث التي نعيشها ، من حملة شرسة على الإسلام وأهله ، وفي هذه المحن الشديدة التي تعيشها الأمة ، وهذه الهزيمة النفسية التي أصابت شباب الأمة ، لنا تسلية وعظة وعبرة مع قصة كليم الله موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .
سيدنا موسى ابن عمران عليه السلام ومواقف لنا فيها العبرة والموعظة لأهل التقوى قال تعالى عن الأنبياء ومنهم سيدنا موسى ، قال الله تعالى : {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 18] , أكثر القصص تكرارًا في القرآن الكريم فصلًا وسردًا في محكم البيان، قصه سيدنا موسى ذالكم النبي الكريم, الذي واجه أعتي أمة، وكافح أكبر طاغوت على وجه الأرض, هذا هو النبي الذي ألقي الله عليه محبة منه، وتشابهت سيرته إلى حدا كبير بسيرة النبي صلي الله عليه وسلم ، حتى تأسى النبي صلي الله عليه وسلم فقال : " يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر " رواه البخاري , وله مواقف مع بداية السنة الهجرية تتعايش مع هجرة النبي صلي الله عليه وسلم أيضا لها دروس وعبر, ولسيدنا موسى دروس ومواقف ومنها .
دروس وعبر من قصة موسى عليه السلام
بقلم د. محمود الحفناوي الأنصاري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد :
في خطم هذه الأحداث التي نعيشها ، من حملة شرسة على الإسلام وأهله ، وفي هذه المحن الشديدة التي تعيشها الأمة ، وهذه الهزيمة النفسية التي أصابت شباب الأمة ، لنا تسلية وعظة وعبرة مع قصة كليم الله موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .
سيدنا موسى ابن عمران عليه السلام ومواقف لنا فيها العبرة والموعظة لأهل التقوى قال تعالى عن الأنبياء ومنهم سيدنا موسى ، قال الله تعالى : {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 18] , أكثر القصص تكرارًا في القرآن الكريم فصلًا وسردًا في محكم البيان، قصه سيدنا موسى ذالكم النبي الكريم, الذي واجه أعتي أمة، وكافح أكبر طاغوت على وجه الأرض, هذا هو النبي الذي ألقي الله عليه محبة منه، وتشابهت سيرته إلى حدا كبير بسيرة النبي ، حتى تأسى النبي فقال : " يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر " رواه البخاري , وله مواقف مع بداية السنة الهجرية تتعايش مع هجرة النبي أيضا لها دروس وعبر, ولسيدنا موسى دروس ومواقف ومنها .
مع قصة سيدنا موسي دروس وعبر
أيها القارئ الكريم: وبين البدء والنهاية في هذه الملحمة العظيمة دروسٌ وعبر ما برحت أجيالٌ تلو أجيال تقف عندها، وتأخذ منها ما يروي ظمأها، وما فتئت كتب العلم تغوص في أعماقها.
وإن من هذه الدروس على عجالة أن نور الله غالب مهما حاول المجرمون طمس معالمه، انظروا إلى سحرة فرعون كم وعدهم فرعون ثم انقلبوا فجأة حين أبصروا دلائل الإيمان، فيا لله كانوا أول النهار سحرة وآخره شهداء بررة، قال سعيد بن جبير رحمه الله: "لما سجد السحرة رأوا منازلهم وقصورهم في الجنة تهيأ لهم وتزخرفت لقدومهم".
ما أعظم الإيمان إذا تمكن من سويداء القلوب، يستسهل صاحبه عندئذٍ كل يسير، ويعرض نفسه للخطر الكبير، لمه؟ في سبيل رضا العليم الخبير. انظر إلى السحرة، فرعون يتوعد ويتهدد: لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل، ومع ذلك يطلقها السحرة في وجه أعتى الطغاة فرعون: قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:72، 73].
الله أكبر، دونك الأرض يا فرعون، افعل في أجسادنا ما تشاء فسلطانك مقيدٌ بها، وما أقصر الحياة الدنيا وأهونها، أما الأرواح فأنى لك أن تحجبها عن الخضوع لربها ومولاها؟!
ثلاثة قضايا ابتدأ الله بها وحيه لموسى، ولكأنها الزاد والمعين على دعوته ورسالته، وهكذا كل الدعاة، وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى [طه:13-15]. نعم الاعتصام بلا إله إلا الله وإقامة الصلاة والإيمان باليوم الآخر.
عاش المسلمون في أيام فرعون ظروفًا عصيبة ملؤها الخوف والأذى، إلى أن وصل بهم الأمر إلى أن يسروا بصلواتهم في بيوتهم، فأرشدهم الله إلى وسائل يتجاوزن بها الصعاب، وهي:
رابعًا: الاستقامة على الخير وعدم الاستعجال في الحصول على المطلوب، قال تعالى: قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [يونس:89]، قال ابن جريج: "يقال: إن الله استجاب دعاء موسى على فرعون بعد أربعين سنة".
إن الصراع مهما امتد أجله والفتنة مهما استحكمت حلقاتها والليل مهما ادلهم ظلامه ومهما كثرت الجراحات ومهما قتل الرجال ويتم الأطفال فإن الله ناصرٌ دينه، أبى الله إلا ذلك، أبى الله إلا ذلك، أبى الله إلا ذلك، يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [الصف:8].
وإذا كان الحق قد انتصر في هذه القصة على مشهد من الناس، فليس ذلك شأن القصص كله في القرآن، إذ ليس أمد النصر ينتهي في هذه الحياة، وليس معنى النصر مقصورًا على النصر المحسوس للناس، فقد ينال النصر فرد أو مجموعة من الصادقين وإن خيل للناس أنهم قد استضعفوا أو أهينوا أو غلبوا في هذه الدنيا.
نعم، لقد انتصر الخليل إبراهيم عليه السلام على الطغاة وإن قذف في النار، وانتصر أصحاب الأخدود وإن حفرت لهم الأخاديد وأحرقوا، وانتصر الغلام المؤمن وإن كانت روحه أزهقت على ملأ من الناس الذين لم يتمالكوا أنفسهم إلا أن ضجوا: آمنا برب الغلام، وانتصر شيخ الإسلام بن تيمية وإن مات في سجنه الذي سجن فيه.
لذا ينبغي أن تعلم الأمة أن الثبات على مبدأ الحق حتى الممات نصر، وأن نصر المبادئ والقيم نجاح ونصر، وقد يشهد الأبناء والأحفاد هذا النصر الذي بذرت بذوره الأولى في عهد آبائهم وأجدادهم، فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ [الزخرف:41، 42].
من الدروس العظيمة من قصة موسى وقومه الحفاظ على النصر، فبمضاعفة الشكر تتضاعف النعم، وكما يمتحن الله بالضعف والذلة يمتحن بالقوة والنصر، وإن الأمة إذا انتصرت ثم غيرت وبدلت بدل الله نصرها هزيمة وعزها ذُلاً. انظروا إلى بني إسرائيل بعدما أنجاهم الله من فرعون وانتصروا ما لبث كثير منهم إلا وأن ارتد، اتخذوا العجل وعصوا أمر الله بالذهاب إلى الأرض المقدسة، عابوا نبيهم، بل وصار أمرهم بعد ذلك إلى قتل أنبيائهم ورسلهم، فماذا حل بهم من أمة قال الله في شأنها: وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [البقرة:122] حتى صار حالهم إلى: وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ [المائدة:60].
وهكذا أمة الإسلام، انتصرت وتصدرت إبان تاريخها الأول، ثم غيرت وبدلت، فانظروا إلى دمائها المسفوكة ومجتمعاتها المنكوبة، وسنن الله لا تتغير، ونواميس كونه لا تتبدل، ألا يا ليت قومي يعلمون.
فضل يوم عاشوراء
أيها المسلمون، إن يوم نجاة موسى عليه السلام من فرعون ليوم فرح عظيم، إنه يوم عاشوراء يوم العاشر من المحرم، لذلك سن صيامه، روى البخاري ومسلم أنه سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن يوم عاشوراء، فقال: ما رأيت رسول الله صام يومًا يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم يعني عاشوراء، وكما في مسلم قال : ((وصوم عاشوراء يكفر السنة الماضية)). ومن حرص السلف عليه أنهم كانوا يصومونه حتى في أسفارهم كما ذكر ذلك عن ابن عباس والزهري وغيرهم، بل ثبت في البخاري أن الصحابة كانوا يصومون صبيانهم تعويدًا لهم على الفضل، ويلهونهم باللعب حتى الإفطار.
وأعلى المراتب في صيامه أن يصام عاشوراء مع التاسع والحادي عشر، ثم يليها صوم التاسع والعاشر، ثم يليها صومه وحده، وإن ضعفت فلا تغلبن على اليوم العاشر؛ فالذنوب كثيرة، والعمل قليل، والوقوف بين يدي الله قريب.